في الوقت الذي يحتفل الجميع، بالمشهد السوري، وهناك ما يدعو للاحتفال على خلفية انتهاء نظام مجرم. احتلت دولة الكيان جبل الشيخ المطل على هضبة الجولان المُحتلة.
ويُعد جبل استراتيجي مشرف على العاصمة السورية. الأنظمة المجرمة والمستبدة تنزع عن شعوبها الهمة، ونحن في لحظة لم نعد على استعداد للإنزعاج من توسع دولة الكيان داخل سوريا.
صحيح هناك أسباب ماثلة، سوريا انهارت سيادتها منذ الحرب الأهلية مع التدخل الايراني والروسي. لكن تناولها في المشهد الحالي، ينم عن عدمية. وايضاً وسط بدائل موصومة بالإرهاب، وهذه ورقة سيتم استخدامها، لفرض قواعد جيوسياسية جديدة في سوريا.
لهذا كنت دائماً اعلن قلقي من هذا الشرق الأوسط الجديد، وإن كان شرقنا المتوسط ليس ايجابياً. اننا في طريق الانتقال من مرحلة الدول العسكرية القمعية أو الممالك المستبدة، إلى عصر الميليشيات والفوضى. بينما يفترض أن نتطور إلى مرحلة أعلى في السياق السياسي. لكن نعود إلى مرحلة ما قبل الدولة. أو عصر التجزئة والتشظي.
لم أثق بأي ميليشيا دينية، نفس الخوف الذي انتابني قبل سقوط صنعاء في 2014، مثل ما أثار حفيظتي كل خطاب طائفي. لست مبالياً بصورة الترهيب التي تمارسها كثير من الأصوات، إذ تستخدم مصطلحات شنيعة، وتوصم مخالفيها بكل شيء، اقلها مناصرة نظام ديكتاتوري مجرم، وحتى الوصم بتحيز لميليشيات طائفية. لكن ايضاً باستخدام كل الألفاظ الشنيعة. هل يخيفيني ذلك؟
بالطبع لا. مادمت أقول رأيي بكل شجاعة، حتى وإن لم يوافقني أحد. فلا أشعر بأي قلق. والكلمة حق.
ما يحدث ضمن شرق أوسط طائفي، ستذوب فيه الدول. وستفرض القوى هيمنتها بهذا السلاح على الدول. إنها منطقة مهمة، وطالما كانت مصدر أطماع الامبراطوريات.
هل اصبح العالم متقدم، ويفكر بآلية مختلفة؟ ليس هكذا، انهار العالم القديم، عالم ما قبل الالفية. سنشهد حروب دينية طاحنة. ما حدث في قطاع الوطن المُحتل، ما هو إلا ملمحاً. هل فعل بشار شيئاً مماثلاً؟ بالفعل قتل مئات الآلاف من شعبه ونكل بهم باستخدام السلاح المُتاح، بما في ذلك الكيماوي. وفر هارباً.
ومازال المشروع يختمر، هناك مرحلة أخرى للفوضى. حديثي سيزعج المخدرون بنشوة انتصار يرسم نعوشاً وأهوال. سبق وشاهدناها، لكنها مرحلة مأسسة لهذا النوع، بعد أن تكون حكاية الدول، مجرد إجراء رمزي، تقف عليها هيئة بلا قرار، بينما نصبح رعايا لميليشيات.
ماذا عن أمن دولة الكيان وسط الفوضى؟ الواقع السياسي يتخذ منهجاً في إدارة أمنه واستقراره وسط الفوضى. سيكون هناك حظيرة للعالم، لنزاعاته. كابلان نظر للسياسة على غرار صدام الحضارات، لكن بتصور مختلف، مواجهة بين الحضارة والبربرية. ونحن البربرية في تصورهم المُتعالي.
لذا ينبغي تحديد أقسى صورة من البربرية، وكانت الكيانات الدينية أبلغ صورة لها. وتسمح لتلك القوى باتخاذ ذرائع أخلاقية. أيضاً لأن مشاريعها انتحارية، وليس في تصوراتها مسالة وطن أو دولة أو أي شيء. مرحلة مهمة لجلب الغزاة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news