كتب/ وليد البوكس:
قبل سبع سنوات طويت صفحة علي عبدالله صالح وتحديدا في الرابع من ديسمبر،
أعدم علي عبدالله صالح في صنعاء وطويت حقبة رجل اختصمنا معه صحيح؛ لكن لم نكن نتمنى له تلك الخاتمة وعلى أيدي توافه البشرية..
اختار صالح نهايته بيديه، كيف لا وهو الذي وهبت له الأقدار فرصا بالجملة
وهكذا تأتي الرصاصة قبل موعدها كالموت بلا استئذان، تختار ضحيتها،
بين القصر والقبر مسافة تقدر بسنوات طويلة لكنها ما لبثت أن طويت هكذا بمشهد صارخ سيظل يتذكره اليمنيون إلى الأبد
أعدم الرجل بعد نحو أربعة عقود من المراوغة والمراوحة
قتل الراقص على رؤوس الثعابين وعلى رؤوس الأفاعي التي رباها فلدغت رأسه نهاية المطاف
أعدم الماكر الحذر بدم بارد، أعدم بطريقة موحشة، ما الذي قاله القاتل لحظتها وهو يوجه بندقيته أو فأسه صوب رأس صالح، لا شيء، الجماعة التي لا تريدك خصما هي أيضا لا تريدك حيا، تريدك جثة، وربما مجرد رجل عابر تحالف معهم وقدم لهم خدمة في مؤامرة صارخة على الوطن ندفع ثمنها حرائق وجراحات ودما
ومن يعطي ولاءه للطائفة أو القبيلة على حساب الوطن والهوية الرئيسية ليس وطنيا على الإطلاق
اليوم تمر ذكرى صالح، افتقدنا لشيء من الطرفة السياسية المغلفة باللؤم والدهاء المبطن؛ التي أودت بحياته؛ وما قيمة كل ذلك وأنت تختتم حياتك من موقعك كرئيس بلد بطعن الجمهورية في الظهر
أستعيد هذا بينما يتسابق من كانوا بالأمس خصوم صالح ويتجمعون لإحياء ذكرى مصرعه بإقامة فعالية هناك في مدينة المخا على شاطئ البحر الأحمر
لا أحد يعزي بمن ينحر جمهوريته إلا هؤلاء الدمى
لا أحد يمكن له أن يكون متسامحا مع قاتل
لقد كان هو ورجاله يجهزون لهذا الوضع للانتقام من ثورة فبراير، ومن يقول غير ذلك فهو مزور للتاريخ، ظل يحرك جماعة الحوثي ويستعرض بأنه يحاربها بينما كان يسهم في تمددها وتراكم هي الحقد ضد اليمنيين ليسهم في نهاية المطاف بإدخالها إلى صنعاء في انقلاب صارخ على الإجماع الوطني
من تسبب بكل هذا التحول القاسي في حياة اليمنيين؟ التحول الناتج عن الحقد ضد ثورة التغيير التي يحاول البعض اليوم التنصل منها مقابل رحلة لزيارة مدينة المخا بحجة التسامح..
ما أصغركم وما أسوأ نهايتكم المذلة..
استشرت الأعمال الوحشية في كل مكان في البلد، وأطلق الرصاص والقنابل والمسيرات والصواريخ على المدنيين وانتشر القناصة في طول البلاد وعرضها
من تسبب بهذا كله؟ صالح ورجال صالح وضباط صالح ومدربو القناصة من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التابعة لصالح،
بعد تولي عبدربه منصور هادي الرئاسة في البلد، حرك صالح أذرعه في كل مكان وظل يحرض ضد التوافق السياسي الوطني وتدافع أتباعه وأنصاره في شوارع صنعاء..
كنت أعيش في عمارة وسط مربع سكني لصالح وأولاده وبعض أنصاره وسط شارع الجزائر في قلب صنعاء ومن شباكي، كنت أرى سحابات الدخان الأسود تسافر إلى السماء فوق المدينة كان الأنصار من حزب المؤتمر الحاكم ثوار المخلوع يحرقون الإطارات ويقودون مسيرات غاضبة لإفشال أي توافق قادم ينقذ البلد.
كيف نسيتم هذا وغيره من الأفعال والفعائل؟
شاهدت وسمعت الجلبة التي كانت تحدث كل يوم في شوارع صنعاء، انفجارات حدثت في وزارة الدفاع ومستشفى العرضي كانت محاولة لاغتيال هادي حينها وهو في زيارة للمشفى، ولا زلت أسمع صافرات عربات الشرطة والإسعاف يومها إلى اليوم في أذني. وجدتني حينها أنفجر لهول تلك المشاهد التي وزعت وجماعة مدربة مسلحة تقتل الناس وجها لوجه في ممرات المستشفى.
الخوض في مؤامرة صالح ورجاله يحتاج إلى وقت وسرد طويل لا يمكن اختزاله هنا في مجرد مقال،
هذه مجرد إشارة وسط غابة أحرقها الرجل ولا مؤشر على إطفائها حتى الآن بعد أن جاءت جماعة انقلابية قدم لها علي عبدالله صالح كل التسهيلات وكان على تواصل وتنسيق معها ويعلم ما الذي تقوم به وما الذي تتجنبه،
نعرف كيف كانوا يعاملون الناس في السجون، وكيف تعرضت النساء في معتقلاتهم للانتهاك. بعض أولئك المعتقلين لم يظهروا حتى يومنا هذا. تلك كانت الصدمة الثانية للشارع اليمني بعد تحالف علي عبدالله صالح مع الخوثي الجماعة التي تستمر بالحرب والعبث في حياة اليمنيين..
بالاشارة إلى خصومة ثوار فبراير مع “علي صالح”
لقد اختصمنا بشرف مع نظام صالح، مزقنا صورته، تمنينا أن يكون رحيله مشرفا، لم ينله ولا نلناه نحن.
اختار القدر مساره..
وما أقسى الأقدار عندما تنزل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news