تُنشر بين حين وآخر بعض الصور القديمة لمدينة عدن إبان الحقبة الاستعمارية البريطانية، بغية تقديم – وهذا ما يبدو للوهلة الأولى – مشاهد عالم مثالي يعج بالنظام والجمال والرخاء، وسط التغني بتلك الفترة من تاريخ المدينة!
والسؤال البديهي جدًا: صور من هذه؟ هل كانوا أبناء المدينة أم أبناء الاستعمار؟
لا تُظهر هذه الصور إلا مستعمرين ينعمون برفاهية الحياة، يستمتعون بكل شيء، فيما أبناء المدينة، من العرب وغيرهم، لم يكونوا إلا وسط الفقر والتهميش والحرمان من أبسط الحقوق.
والصور لا تكذب، تأملوها جيدًا، إذ لا تظهر إلا وجه الاستعمار الذي كان يعيش بعيدًا عن الواقع المرير.
بعض الصور المنتقاة تظهر الحدائق الجميلة، المباني المرتبة، والنظام المعماري المتناغم! وبلا شك، تمثل المشاهد بعض إنجازات تلك الفترة، لكنها في الوقت نفسه تخفي الكثير من المآسي، كالإقصاء الاجتماعي والاقتصادي لأبناء المدينة.
الاستعمار البريطاني لم يكن فقط نظامًا يحكم بقبضة عسكرية احتلالية، بل كان أيضًا بنية اجتماعية عنصرية تستبعد السكان المحليين من المشاركة في صنع القرار أو حتى التمتع بمزايا العيش في مدينتهم، وهو دأب كل استعمار واحتلال.
فنقدنا لهذا الجانب هو نقدنا للذين يغفلون واقع السكان الأصليين، الذين حُرموا من الوصول إلى تلك النوادي، ومُنِعوا من التجول في بعض المناطق، وعملوا في مهنٍ شاقة بأجورٍ زهيدة.
كانت عدن تنقسم إلى عالمين منفصلين: عالم المستعمر الذي يظهر في الصور، وعالم أبناء المدينة الذين كانوا يتكدسون في الأحياء الشعبية.
لا يُمتدح الاستعمار أبدًا.
وليس من الإنصاف تمجيد أي حقبة استعمارية، مهما كانت مظاهر التطور التي رافقتها.
الاستعمار ليس مشروعًا تنمويًا، بل قوة قهرية استغلت البلاد والعباد لصالحها.
لا بد من التذكير هنا بأن أية مشاريع تطويرية أو بنى تحتية أقامها البريطانيون، كالمستشفيات أو المدارس، لم تكن لخدمة أبناء عدن، بل كانت بالدرجة الأولى لصالح جالية المستعمرين والموظفين الذين جاءوا من لندن ومدن أخرى. أما السكان المحليون، فكان نصيبهم التعليم المحدود والرعاية الصحية المتواضعة.
ومن الإنصاف في قراءة التاريخ، الاعتراف بأن الحقب الاستعمارية – بما فيها الحقبة البريطانية في عدن – قد تركت بعض الآثار الإيجابية على مستوى البنية التحتية والنظام الإداري. لكن هذا لا يعني أن نغفل الوجه الآخر، الوجه القمعي والاستغلالي لتلك المراحل.
الانبهار البالغ بتلك الحقبة يجب أن يُقابل بتفكيك نقدي لمعاني هذه الصور ودلالاتها وما تخفيه من حقائق غائبة.
علينا النظر لذلك التوثيق كمادة أرشيفية تعكس لحظة تاريخية، لا كدليل على رفاهية شاملة عاشها سكان عدن. وبالقدر ذاته، لا بد من نقد التماهي مع سردية المستعمر التي تصوّر الفترات الاستعمارية وكأنها عصر ذهبي. فالحقيقة، التي لا يمكن للصور وحدها أن تعكسها، هي أن المدينة كانت تعيش في فوهة بركان من الاستغلال والاستلاب.
إن قراءة التاريخ يا رفاق، والحقب الاستعمارية تحديدًا، تحتاج إلى إنصاف حقيقي يحترم ذاكرة الشعوب ومعاناتها.
علينا أن نواجه أي محاولة لتجميل الاستعمار وتقديمه كحقبة ازدهار، وأن نضع دائمًا نصب أعيننا حقيقة أن تطور المدن تحت الاستعمار كان قائمًا على ظهور المستضعفين.
صور جميلة، لكنها…
هذه ثنائية الإنصاف والحذر، وألا نغفل أبدًا حقيقة أن الجمال الظاهر في أرشيف الماضي كان حِكرًا على المستعمرين، بينما لم يكن لأبناء المدينة من نصيب سوى الظلم والفقر والكفاح.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
أفادت شركة بلومبرج (Bloomberg) يوم السبت بتجمع عدد كبير من السفن التجارية بالقرب من ميناء رأس عيس
عاجل : مجزرة كبيرة تتعرض لها ميليشات الحوثي في رداع...عشرات القتلى والجرحى ومقتل عدد من القيادات "تف
عاجل : بشرى سارة ...الرئيس العليمي يفاجئ الجميع ويوجة بارسال هذا الدعم العاجل "تفاصيل"
أعلن البنك المركزي اليمني في صنعاء، بدء عملية صرف مرتبات موظفي الدولة، اعتبارًا من اليوم السبت الم
سجلت القوات المسلحة في اليمن انتصارات جديدة ضد مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، حيث تكبدت الأخير
اختفى رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مهدي المشاط، منذ أيام، بالتزامن مع قصف أمريكي
أفاد مصدر مسؤول في وزارة المالية بحكومة صنعاء بأن الوزارة بدأت بإصدار تعزيزات دفع مرتبات موظفي وحد
في منشور أثار اهتماماً واسعاً، تناول الصحفي خالد سلمان تطورات خطيرة تتعلق بتفجيرات غامضة استهدفت
شاهد: سر نجاة منزل في لوس أنجلوس من الدمار رغم الحرائق التي حولت جميع المنازل المجاورة له إلى رماد
بعد ان قاموا بدعوتها لمنزلهم...لن تصدق ماذا فعل شباب سعوديين بسيدة ايطالية في مدينة حائل"شاهد"