سبتمبر نت/ تقرير – توفيق الحاج

انبثقت ثورة 26 سبتمبر 1962 من أعماق الوعي الوطني، لتُضيء دروب اليمنيين نحو الحرية والكرامة، بعد أن أثقل كاهلهم الظلم والاستبداد، فلم تكن ثورة الـ26 من سبتمبر مجرد ثورة ورفض وحسب، بل كانت أهم لحظة في تاريخ اليمن الحديث ومن خلالها تم إعلان سقوط الملكية الإمامية الفاشية وقيام حكم الجمهورية الواسع.

إنها اللحظة المقدسة للتخلص من أسوأ الفاشيات والنظريات العصبوية في العالم وإعلان عهد الحرية والمساواة والكرامة وحكم الشعب نفسه بنفس، وقد أدرك اليمنيون خلال السنوات العشر الماضية معنى ذلك وباتوا يحتفون بذكرى ثورة26سبتمبر بشكل غير مسبوق ولا مألوف فليلة ال26 من سبتمبر تتحول إلى عرس وطني مثير فيها تضيء سماء المدن بشعلة الثورة والألعاب النارية، في استفتاء وإجماع شعبي على رفض مشروع مليشيا الحوثي الإرهابية الإمامية.

واللافت أن الاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر منذ تسع سنوات وإيقاد الشعلة وإطلاق الألعاب النارية لم يعد رسميا بل أصبح شعبيا بامتياز كل يمني يحتفل بالثورة وكأنه المعني الأول بها فالشعلة لم تعد تشعل في الميادين الرسمية الحكومية وحسب بل صارت تشعل على أسطح المنازل وسفوح الجبال وفي الشوارع والأحياء وفي المدن والأرياف.

احتفالات شعبية

لقد كانت ذكرى ثورة الـ 26من سبتمبر تمر على اليمنيين مرورا عابرا واعتياديا، يشعرون به عبر شاشات التلفزة ويأتي اليوم التالي ويعود اليمنيون إلى الروتين الطبيعي وهكذا تمر العقود ويعتاد الناس على الاحتفال الرسمي الذي تقوم به السلطة، غير أنه في السنوات التسع الماضية بدأ الاحتفاء بهذه المناسبة شعبيا وجماهيريا فلم يحدث أن احتفلت الجماهير اليمنية بنشوة وفرح وابتهاج بهذا الشكل المؤثر وهذا التوهج، الذي يمكن وصفه بالغضب العارم والاحتجاج المزلزل عبر من خلاله كل يمني عن نفسه وعن قناعته ورفضه لدعاة الإمامة وورثة قبحها وسوادها وكهنوتها.

إن الاحتفاء بثورة الـ26 من سبتمبر تعبيرا صريحا بأنها ستظل حدثا استثنائيا وثورة خالدة نقلت اليمن من ظلمة الكهوف إلى رحاب العصر، وكان قربانها آلاف من أنبل وأشجع الرجال اليمنيين صنعوا ذلك التحول في حياة الشعب اليمني وأخرجوه من ظلمات الجهل والتخلف والاستبداد إلى آفاق العدل والمساواة والحرية.

واليوم وبعد التضحيات الجسيمة التي قدمها اليمنيون لا يساور احدهم أدنى شك بإعادة ألق الثورة ووهجها ووجهها المشرق وانتصارها على الإمامة الحفيدة، بل ربما كان الانقلاب الحوثي الإمامي وخزة لليمنيين للتذكير بتلك المناسبة العظيمة واليوم الخالد وإحياء أهدافها مجدداً وتصحيحها وتنظيفها مما علقت به من الشوائب.

لقد بات من الضرورة إيقاد شعلة الثورة في مختلف الميادين والجبهات، لتظل خافقة في سماء الوعي الشعبي فالثورة ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي عهد مستمر على مواصلة النضال وهذا يتطلب من الجميع أن يحملوا المشعل ويواصلوا الطريق الذي سطره الثوار والأحرار، فالثورة لا تموت وسبتمبر في كل عام يتوهج وتظهر عزيمة اليمنيين قوية لا تلين وإرادة لا تنكسر.

مشعل الحرية

إن إيقاد شعلة ثورة 26سبتمبر اسهام في تعزيز قيم المقاومة والرفض، وتذكير الأجيال القادمة بمسؤولياتهم التاريخية تجاه الوطن ثم إن الروح الثورية يجب أن تتجسد في كل فعلٍ يُدافع عن كرامة الشعب، ويعزز من وحدة صفه في مواجهة التحديات.

وهج الثورة المتجدد

منذ اقتحام مليشيا الحوثي الامامية للعاصمة صنعاء وانقلابها على السلطة وسيطرتها على مؤسسات الدولة شكلت محافظ مارب الوهج الذي تنبعث منه روح الجمهورية والحصن الذي التجأ إليه الجمهوريون الأحرار لذلك ومنذ تسع سنوات تتزين محافظة مأرب من أول يوم من أيام شهر سبتمبر استعدادا لاستقبال ليلة الـ26 من سبتمبر المجيدة حيث تكتسي شوارع المدينة والمؤسسات العامة والمحلات التجارية بالأعلام الجمهورية، وترفع صور رموز الثورة وأحرار الجمهورية، وتكتب وتعلق عبارات الثورة، على كافة شوارع عاصمة المحافظة ومداخلها والمرافق الحكومية، احتفاء بذكرى ثورة 26سبتمبر الخالدة.

ومنذ 2014م تصدرت محافظة مارب المشهد اليمني وحملت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن الجمهورية وحماية مكتسباتها ومقارعة المشروع الامامي الجديد لذلك يتم إيقاد الشعلة السبتمبرية وإقامة حفل جماهيري خطابي وفني كبير وواسع بحضور قيادات الدولة وتجوب الفرقة الموسيقية العسكرية التابعة لوزارة الدفاع ومعها فرق كشفية شوارع المدينة في عروض كرنفالية بهيجة حاملين الأعلام والشعارات الوطنية وتعزف المقطوعات الغنائية والإنشادية الوطنية والفرائحية.

إن هذه الاحتفالات البهيحة تتزامن مع تضحيات وملاحم بطولية يسطرها أبطال القوات المسلحة ورجال اليمن وقبائلها الأشاوس في سبيل تخليص الشعب من مليشيا إرهابية إمامية كهنوتية وتحرير كل ربوع الوطن.

الشعلة الأكبر

يعد الاحتفاء الذي تقيمه محافظة مأرب أكبر احتفاء بثورة ال26من سبتمبر وذلك لأن مأرب رأس حربة ورافعة الجمهورية ومهبط الأحرار وتقيم فيها معظم قيادات الدولة وقيادات القوات المسلحة والأمن وتتخذ منها المركز الإداري والعملياتي لذلك يتم في ليلة الـ26 من سبتمبر إيقاد شعلة كبيرة يقوم بإيقادها القائد الأول في القوات المسلحة في مأرب وبحضور نائب رئيس مجلس القيادة محافظ المحافظة اللواء سلطان العرادة وعدد من الوزراء وقيادات الدولة والسلطة المحلية في المحافظة وعدد من محافظات الجمهورية.

ويعد الشهيد اللواء/ عبدالرب الشدادي أول من أوقد الشعلة في مأرب إحياء لهذه المناسبة في عام2015م ثم صار ذلك برتكولا سنويا متبعا، وأبرز من أوقد الشعلة بعد استشهاد اللواء الشدادي الفريق الركن/ محمد علي المقدشي واللواء الركن/ طاهر العقيلي، والفريق الركن/ صغير بن عزيز، ويعد إيقاد الشعلة عشية ثورة الـ26من سبتمبر من المراسيم الرئيسة للاحتفال وترمز إلى الانتقال من الظلام إلى النور، فالشعلة رمز للحياة والنور والحرية.

حماة الثور

لا يطيق أحفاد الامامة وأولاد الكهنوت سماع كلمة ال26من سبتمبر ولا الاحتفاء بها لذلك فهم منذ نصف قرن يعيشون هذه الليلة السبتمبرية المجيدة في جحيم وتتكرر كل عام وما يزيد من أوجاع الكهنوتيين ويصيبهم في مقتل هو أن شعلة ثورة 26 سبتمبر المقدسة باتت توقد منذ  تسع سنوات في مختلف الجبهات والميادين والمرتفعات والوديان وفي كل مترس ضد الإمامة، وهي دلالة واضحة وأكثر يقينا بالانتصار للثورة وهزيمة أعدائها.

إن أبطال القوات المسلحة المرابطين في مختلف الجبهات وهم يحتفلون بهذه المناسبة المجيدة والثورة المعجزة إنما يشهرون سيف أيلول الظافر في وجوه أعداء النظام الجمهوري والخائنين له في أعالي الجبال وبطون الأودية ويشعلون النور لقهر الظلام وبأيديهم الرصاص الخارق لتمزيق الكهنة وتجديد العهد للثورة والجمهورية .

ومنذ سنوات يعتلي قادة المناطق العسكرية والمحاور والوحدات قمم الجبال لإيقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر ويحتفل أبطال القوات المسلحة ويطلقون الألعاب النارية في أطراف صنعاء وفي أعالي جبال محافظة صعدة عقر دار الكهنوت ومخبأ الإمامة الجديدة وهي دلالة صادقة على الحفاظ على ثورة الأجداد من حقد ومكر وخبث الكهنة الأحفاد.

وفي كل جبهة وميدان يحتفل فيه الأبطال يجددون العهد بالمضي قدماً نحو تحقيق أهداف ثورة 26 سبتمبر ومواصلة تحرير تراب الوطن من رجس وإرهاب وطغيان الإماميين الجدد.