سبتمبر نت/ تقرير – توفيق الحاج

تعد ذكرى ثورة 26 سبتمبر من أهم المناسبات الوطنية في اليمن، فهي إنجاز عظيم حققه الشعب اليمني في نيل حريته واستقلاله، وفتح آفاق جديدة نحو التنمية والتقدم، فالاحتفال بهذه الذكرى ليس مجرد تقليد أو عادة، بل هو تأكيد على الهوية الوطنية والانتماء إلى الوطن، والنظام الجمهوري وتجديد العهد على التمسك بالثوابت والقيم التي قامت من أجلها الثورة.

لقد كانت ثورة 26 سبتمبر نقطة تحول في تاريخ اليمن، حيث انتقل من عصور الظلام والجهل إلى عصر الحداثة والتطور، حيث أتاحت الثورة الفرصة لليمنيين للتمتع بحقوقهم الأساسية كالحرية والعدالة والمساواة، كما فتحت الباب أمام التعليم والصحة والتنمية في شتى المجالات. ومن خلال الثورة، انفتح اليمن على العالم الخارجي، وأصبح عضواً فاعلا في المجتمع الدولي.

هذه الميزات الخدمية الانسانية التي نالها المواطن اليمني بعد الثورة السبتمبرية تشكل قلقا بالغا لدى مليشيا الحوثي أحفاد الإمامة الذين يعملون جاهدين على طمس كل مكتسبات الثورة واعادة اليمنيين اكثر من نصف قرن الى الوراء.

استعداد للاحتفال

منذ مطلع شهر سبتمبر يستعد اليمنيون، على المستويين الرسمي والشعبي، للاحتفال بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر 1962»، التي قامت ضد أسلاف الحوثيين من الأئمة، وتتجلى ملامح الاحتفال والابتهاج بذكرى الثورة في رفع العلم على اسطح المنازل وواجهة المباني والمحلات التجارية وتزينت به السيارات والحافلات والمجالس وفي الاصوات التي تردد الاناشيد الوطنية وتلوين الجدران والاسوار بلون العلم  والعبارات الثورية وصور قادة الثورة السبتمبرية هذه المظاهر ليست مقتصرة على مناطق ومحافظات يمنية محددة بل تشمل كذلك المناطق الواقعة تحت سلطة المليشيا حيث استعد ناشطون ومواطنون لإحياء هذه الذكرى الخالدة  وبدأوا بالاحتفال منذ بداية الشهر ويتوعدون بالوقوف أمام  عبث مليشيا الحوثي ومخططها الخبيث الساعي الى وأد ثورة «26 سبتمبر» وكل الإنجازات التي تحققت خلال أكثر من نصف قرن منذ قيامها.

منع الاحتفال

ما أن دخل شهر سبتمبر حتى خيم الرعب على قيادات مليشيا الحوثي رغم المناسبات الخاصة بهذه الجماعة والمتمثل في ذكرى المولد النهبوي وذكرى النكبة واليوم الاسود في حياة اليمنيين الا انهم يحرصون على عدم ذكر ثورة 26سبتمبر ومعاقبة من يستعدون للاحتفال بها وذكرت مصادر ان عناصر مليشيا الحوثي قامت بسجن عدد من المواطنين واصحاب المهن الصغيرة في محافظتي إب وصنعاء وارغمتهم على الالتزام بعدم الاحتفال بذكرى الثورة.

وتعمل مليشيا الحوثي على استباق الاحداث الاحتفائية والانتفاضة الشعبية المتوقعة في الذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر»/ أيلول لذلك نفذت حملة اعتقالات شملت العشرات من النشطاء في محافظة إب، كما شددت من الإجراءات الأمنية في عاصمة المحافظة التي ينتمي إليها قائد الثورة السبتمبرية علي عبد المغني واعلنت منع الاحتفال بذكرى الثورة والمشاركة في احتفالات طائفية سلالية إلا أن نشطاء وشباناً دعوا للاحتفال بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر»، وهي المناسبة التي يستغلها السكان في إب وفي صنعاء للتعبير عن رفضهم حكم الجماعة الحوثية والتمسك بأهداف تلك الثورة.

وهو ما جعل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يقوم بحملة اعتقالات طالت العشرات من المناهضين لحكمهم في عدد من المحافظات وابرزها إب حيث اعتقل لناشط محمد الكثيري، الذي اقتيد من أمام منزله في حارة الجبانة وسط مدينة إب بعد 5 أيام من منشور له ذكر فيه أنه سيحتفل فقط بذكرى ثورة «26 سبتمبر»، كما اعتقل الحوثيون الناشط المؤيد لهم رداد الحذيفي وأودع المعتقلون سجن «الأمن والمخابرات» في حين تم نقل بعضهم إلى صنعاء وسط مخاوف من تعرضهم للتعذيب والتصفية الجسدية.

ويمثل منع جماعة الحوثي لليمنيين من الاحتفال بذكرى ثورة الـ 26 من سبتمبر محاولةً سافرة لطمس الهوية الوطنية اليمنية وتزوير التاريخ، فالثورة التي أطاحت بالملكية وأسست الجمهورية اليمنية هي جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجمعية للشعب اليمني، وهي تمثل رمزاً للحرية والكرامة والاستقلال.

إن محاربة الحوثيين للاحتفال بهذه الذكرى تعكس رغبتهم في فرض رؤيتهم الأيديولوجية الضيقة على المجتمع اليمني، وإلغاء أي رموز أو قيم تتناقض مع مشروعهم. فهم يدركون جيداً أن الاحتفال بالثورة يذكر الشعب اليمني بتاريخه النضالي، ويذكره بحقه في تقرير مصيره، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشراً لمشروعهم الطائفي الاستبدادي.

إن محاولات طمس هذا اليوم الخالد جريمة بحق التاريخ اليمني وهو دليل واضح على طبيعة هذا المشروع الطائفي  السلالي الامامي الفارسي الذي يسعى إلى تدمير كل ما هو يمني لكنها محاولات لن تنجح، فالشعب اليمني يتمسك بهويته الوطنية، ويرفض أي محاولة لتشويه تاريخه. فالاحتفال بالثورة ليس مجرد احتفال بيوم في السنة، بل هو تجديد للعهد على الثوابت الوطنية، والتأكيد على الالتزام بالقيم الجمهورية.

إن هذا النهج الحوثي الاستبدادي لن يزيد الشعب اليمني إلا تمسكاً بثورته، وسيزيد من عزيمته على استعادة دولته، وبناء مستقبل أفضل لأجيال قادمة.

إذلال اليمنيين

عملت مليشيا الحوثي منذ اللحظات الاولى على اذلال اليمنيين واستنزاف مواردهم واموالهم وحرمانهم من العيش الكريم ومنعت عنهم كل متطلبات الحياة وابتكرت لهم مناسبات  واحتفالات ذات الصبغة الطائفية شيعية فارسية تنفق عليها ملايين الدولارات من قوت الشعب وعرقه متجاهلة معاناة ملايين الجوعى فما أن تخرج من ذكرى المولد النهبوي الذي نهبت فيها ملايين الدولارات باسم تبرعات حتى تقوم بالإعداد وجمع ونهب ملايين الدولارات للاحتفال بذكرى اجتياحها صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، بالتوازي مع مئات الفعاليات ذات الصبغة الطائفية الفارسية في مختلف مناطق سيطرتها.

كل هذا في الوقت الذي تشتد معاناة المواطنين في مناطق سيطرة المليشيا واتخاذ عدد من الأسر حاويات النفايات ملاذاً للبحث عن بقايا ما خلفته عناصر المليشيا وقيادتها لإطعام أطفالها وللبقاء على قيد الحياة.

إن اليمنيين يدركون أن المليشيا حولت معظم أيام السنة إلى احتفالات طائفية مذهبية بإمكانات الشعب وأمواله ومقدراته، وأن المليشيا تجتهد لتجويع وإفقار وتجهيل اليمنيين وإذلالهم بكل وسائل البطش والاستبداد والقهر بذريعة العدوان والعمالة لإسرائيل وامريكا والارهاب والخيانة والتخابر وكلها تهم لاستنزاف اليمنيين واذلالهم وقهرهم، ولعل مقطع الفيديو الذي تناقلته وسائل الاعلام والذي يظهر مسنين يزحفون على بطونهم بحجة التدريب العسكري ما هو الا رسالة واضحة لكل اليمنيين بأنكم خدم لنا واذلاء.

وذكرت المصادر أن مليشيا الحوثي أخضعت منتسبي الهيئة العليا للأدوية في العاصمة المختطفة صنعاء وأجبرت أكثر من 240 موظفاً في الهيئة أكاديميين وأطباء وموظفين على الالتحاق بدورات عسكرية مكثفة، استعداداً لإشراكهم في معارك عسكرية وجرت التدريبات في مناطق مفتوحة في محيط أشرف على تنفيذها قادة ميدانيون ينحدرون من صعدة معقل قائد المليشيا.

واشتكى موظفون في هيئة الأدوية من إلزام قيادات مليشيا الحوثي لحضور دورات عسكرية ميدانية وتلقي برامج ودروس تروج لأفكار المليشيا وتمجد زعيمها، وتؤكد أحقيته في حكم اليمنيين.

سخط واستنكار

لقد استفز ذلك المقطع المهين الذي يظهر أكاديميين وعلماء بلغوا من العمر عتيا وهم يذلون ويزحفون على بطونهم جميع اليمنيين وقوبل ذلك التوجه الانقلابي بموجة سخط واستنكار واسعين في الأوساط اليمنية، حيث تداول ناشطون ومغردون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع تظهر مشرفين حوثيين، وهم يجبرون أطباء وعاملين في هيئة الأدوية، بينهم كبار في السن على الزحف وإطلاق الأعيرة النارية من مختلف الأسلحة.

ويؤكد الناشطون أن  إذلال اليمنيين بتلك الطريقة وإجبار الموظفين المدنيين على الخضوع لتدريبات عسكرية قسرية يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والقوانين الدولية التي تضمن حقوق المدنيين، ورأوا أن ذلك لا يعد سوى محاولة ممنهجة من قبل الجماعة لإذلال من تبقى من الموظفين الحكوميين في مناطق سطوتها بغية تطفيشهم وتسريحهم من وظائفهم، واذلالهم.

هذه الصور التي نشرها الحوثيون أنفسهم لأطباء وأكاديميين وهم يزحفون بهذا الشكل المهين، جزء من سياسة ممنهجة للإذلال وكسر روح المقاومة والرفض لدى اليمنيين لهذا المشروع السلالي الطائفي الحوثي, والحديث عن كون هذه الصور لتدريبات عسكرية يتم إجبار اليمنيين المدنيين عليها دون مراعاة للسن ولا للمهنة ولا للكرامة او الحالات المرضية، مجرد ذر للرماد في العيون، وإلا كنا شاهدنا صورًا مماثلة لقيادات الجماعة وهم يزحفون ببطونهم الكبيرة المليئة بأموال اليمنيين ومقدراتهم.