تشهدُ عددٌ من المحافظات اليمنية المحررة موجةً غاضبة من الاحتجاجات التربوية، أدّت إلى شللٍ تام في العملية التعليمية، واستمرار بعضها لأيام، وذلك للمطالبة بصرف المرتبات المتأخرة منذ أشهر من قبل الحكومة المعترف بها دولياً.
وتأتي هذه الاحتجاجات وسط مخاوف من اتساع رقعتها لتشمل بقية المحافظات، في ظلّ التدهور المستمر في الوضع المعيشي والاقتصادي في عموم البلاد، بينما تلتزم وزارة التربية والتعليم ورئاسة الحكومة وقيادة الدولة الصمت إزاء هذه الأزمة.
ففي عدن، خرج عشرات المعلمين، اليوم الثلاثاء، في مسيرة احتجاجية غاضبة أمام مبنى المحافظة، رافعين أصواتهم بالهتافات المنددة بتأخير صرف مرتباتهم للشهر الثالث على التوالي.
واتهم المعلمون، الذين كانوا قد أعلنوا إضراباً شاملاً، الحكومة الشرعية بـ "اللصوصية"، مُشيرين إلى أن مرتب الموظف التربوي انخفض إلى ما لا يتجاوز 40 دولاراً بعد أن كان يزيد عن 360 دولاراً قبل الحرب التي اندلعت في البلاد إثر انقلاب مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
ومن أبرز الهتافات التي صدحت بها حناجر المحتجين: "يا حكومة عودي عودي.. نشتي راتب بالسعودي"، في مطالبة صريحة بعودة الحكومة من الخارج إلى داخل البلاد وتقاضي مسؤوليها مرتباتهم بالريال اليمني أسوة ببقية موظفي الحكومة، أو دفع مرتبات الموظفين بالريال السعودي أسوة بمسؤولي الحكومة.
وفي محافظة تعز (جنوب غربي البلاد)، نفّذ المعلمون إضراباً شاملاً في جميع المدارس الحكومية، مُطالبين بذات المطالب.
وتأتي هذه التحركات في ظل استمرار تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وانهيار العملة المحلية التي بلغت قيمة شراء الدولار الأمريكي فيها في تداولات اليوم الثلاثاء 2060 ريالاً والريال السعودي 539 ريالاً، بزيادة تجاوزت 900 بالمئة مقارنة بفترة ما قبل اندلاع الحرب.
وأفاد عدد من المعلمين بأن هذا الإضراب يأتي كخطوة اضطرارية بعد أن وصلت معاناتهم إلى حدٍ لا يمكن السكوت عليه، حيث لم يتسلم العديد منهم رواتبهم منذ أشهر، ما أدى إلى عجزهم عن تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرهم.
ودعا اتحاد المعلمين بالمحافظة السلطات المحلية والحكومة الشرعية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه هذه الأزمة وسرعة الاستجابة لمطالب المعلمين، مُحذرين من أن استمرار تجاهل حقوقهم سيؤدي إلى المزيد من التدهور في العملية التعليمية في المدينة.
وفي محافظتي لحج والضالع (شمالي عدن)، يواصل المعلمون إضرابهم الذي بدأ الأحد الماضي دون أي تجاوب حكومي، بحسب مصادر تربوية.
وذكرت المصادر أن المدارس أغلقت أبوابها في مديريتي الحوطة وتبن بلحج، في حين شُلّت العملية التعليمية في كامل مديريات الضالع منذ أيام، بسبب تأخر صرف رواتب المعلمين والتربويين بالمحافظة.
وأشار المعلمون في المحافظات التي تشهد احتجاجات إلى أن مطالبهم تتلخص في توفير حقوقهم المشروعة، التي تضمن الحد الأدنى من القدرة على تلبية متطلبات المعيشة من مأكل ومشرب، خاصةً في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والأساسية.
ويواجه المعلمون والتربويون تحديات كبيرة نتيجة تأخر صرف الرواتب وانهيار العملة، ما أثّر سلباً على قدرتهم الشرائية وتوفير المواد الأساسية لأُسرهم، في ظل غياب أي تدخل حكومي لدعم السلع الغذائية أو رفع الرواتب بما يتناسب مع انهيار قيمة العملة المحلية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news