شروين المهرة: تقرير خاص
بدأت السعودية منذُ مطلع العام الجاري باستخدام ورقة جماعة السلفيين المتشددة (الحجوريين) بهدف اختراق المجتمع المهري عبر منابر المساجد ورجال دين حولتهم إلى تيار مخابراتي تستخدمهم لنشر الطائفية والتطرف من أجل تحقيق أهدافها وتمرير أطماعها ولو كان الثمن خلق صدامات داخل المجتمع الواحد.
وركزت السعودية على ورقة السلفيين المتطرفة بعد فشلها الذريع في السيطرة عسكريا على المهرة وشراء ولاءات رجال القبائل وعجزها عن تركيع الأهالي الرافضين لوجود أي قوات عسكرية لها على الأرض، لم تجد الرياض من وسيلة سوى استخدام السلفيين وتمكينهم من نشر الفوضى في المهرة.
وتصاعد خطاب الجماعة المتطرف عقب العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة والذي أعقبه خروج مظاهرات في المهرة ومحافظات يمنية أخرى تندد بما يحدث للشعب الفلسطيني من إبادة جماعية، وبالتزامن مع حالة الغضب الشعبية المنددة بجرائم الاحتلال تفاجأ أبناء المهرة بخطاب تحريضي لعناصر السلفية ضد المظاهرات المؤيدة للمقاومة الفلسطينية بالإضافة إلى تحميل المجاهدين ما يجري في غزة من جرائم، من قبل الاحتلال الإسرائيلي، على نهج العناصر السلفية، التي قامت السعودية والإمارات باستقدامهم وتمويلهم بعد عام 2014، في المناطق الجنوبية، وبنفس السياق الذي تغطي به القنوات السعودية الحرب الإسرائيلية على غزة.
ومنذُ مطلع العام 2018، دفعت السعودية العديد من رموز ومشائخ السلفيين المتشددين (الحجوريين)، نحو محافظة المهرة، ومهدت لهم الطريق ويسّرت وصولهم إلى المنابر في العديد من مساجد الحافظة، وذلك بهدف نشر الفتنة وبث وسائل التفرقة والاختلاف حتى يسهل عملية تمزيق المجتمع المهري المعتدل.
نزوح المتشديين “الحجوريين ” إلى المهرة
ونزحت هذه المليشيات من دماج في صعدة إلى المهرة، وهناك ظهرت النعمة عليه وعلى أصحابه الذين جاؤوا من عدة محافظات، والنزوح ليس مشكلة، فالمهرة مدينة يمنية وهو مواطن يمني، لكن ما يحصل هناك يسترعي التوقف.
صارت لهم جوامع خاصة، وإذاعات خاصة، ومنازل خاصة، ومرتبات يتسلموها، وهم لا يمارسون أي عمل عام أو خاص.
وتعاطف الناس معهم في بادئ الأمر، ثم لاحقا ثبت أنهم أدوات تمول وتعبئ لصالح أجندة معينة، وخدمة دول خارجية، ضمن ما يعرف اليوم بالسلفية الجامية التي ترعاها الرياض داخل وخارج السعودية.
وأصبحت الجماعة المتطرفة تبث السموم والفتنة في المجتمع المهري الذي لم يعرف من قبل أي تيارات دينية، ويهاجم خصوم الرياض، ويقدم الفتاوى المشيطنة للآخرين، ويقدح بالشخصيات، وأصبح لديه تيار من الأتباع يكبر ويتوسع يوما بعد آخر.
خطابهم التحريضي الذي أصبح يمثل إزعاج ونواة شقاق، دفع أبناء محافظة المهرة كافة من قبائل وجهات رسمية وأحزاب سياسية إلى وقف هذا الأمر قبل أن يتطور إلى أداة صراع تسيل من أجلها الدماء ويحل بسببها الخراب.
وبعد أن نجح أبناء المحافظة في وقف الخطاب المتطرف عبر دور العبادة وفشلهم في اختراق المجتمع المهري المتماسك لجأت السعودية لاستخدام ورقة التنجيد للجماعة ذاتها وبشكل سري لكن تخفيها سرعان ما تسرب وخرجت ريحته النتنة ليكتشف أبناء المحافظة الخطر الذي يحاك في الغرف المظلمة وفي قروبات ومجموعات على الواتس آب ضد أمنهم واستقرارهم.
وكشفت المعلومات عن ترتيبات يجري الاستعداد لها، من أجل تدريب وإنشاء تشكيلات عسكرية مسلحة داخل محافظة المهرة، تندرج تحت مسمى “درع الوطن” وتحمل طابع طائفي، سيتم إنشائها وتشكيلها في محافظة المهرة.
غضب شعبي
وأثارت التحركات الخطيرة حالة غضب واسعة في أوساط المجتمع المهري الذي حذر من خطورة ما يجري وفي مقدمتهم وكيل محافظة المهرة لشؤون الشباب، بدر كلشات، الذي سارع للقول إن المهرة منذ بداية الأزمة اليمنية، ولا تزال تسعى بكل حكمة إلى النأي بنفسها عن الصراعات، بفضل القيادة الواعية للسلطة المحلية والمؤسسات الأمنية والعسكرية، إضافة إلى التفاف كافة شرائح المجتمع المهري حول هذه القيادة.
وأضاف: “رغم ذلك، تتواصل المحاولات لجرّ المهرة إلى مستنقع الصراعات، وتوريطها في تشكيلات عسكرية وميليشيات ذات طابع طائفي أو متشدد دينيًا.
وأكّد كلشات أنّ المهرة لن تقبل بأي تشكيلات عسكرية جديدة خارجة عن إطار المؤسسات الرسمية القائمة منذ ما قبل الأزمة اليمنية. هذه المؤسسات تؤدي دورها بكفاءة في الحفاظ على الأمن والاستقرار.
وأصدرت معظم القوى السياسية والاجتماعية في المهرة بيانات شديدة اللهجة أكدت فيها رفضها القاطع لأي تشكيلات عسكرية أو معسكرات جديدة خارج إطار الدولة.
الحريزي ووحدة الصف المهرية
ومن أجل أمن واستقرار محافظة المهرة والتصدي للمخاطر التي تهددها سارع رئيس لجنة الاعتصام السلمي بالمحافظة الشيخ علي سالم الحريزي لعقد لقاءات موسعة مع شيوخ القبائل وقيادات الأحزاب والمكونات الشبابية والنسائية للخروج بموقف موحد وجامع يرفض تشكيلات عسكرية غير رسمية وحذرت من المساس بأمن واستقرار المحافظة.
وأكد رئيس اللجنة الشيخ علي سالم الحريزي أن أبناء المهرة يرفضون رفضا قاطعاً أي محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة، مشدداً على أهمية الحفاظ على السلم الاجتماعي.
وشدد على أهمية الوحدة الوطنية والتكاتف بين جميع أبناء المهرة لمواجهة هذه التحديات، ورفض تشكيل أي وحدات عسكرية خارج أطار المؤسسة العسكرية والامنية.
ودعا إلى تضافر الجهود من أجل حماية المحافظة من أي تهديدات، مشيدا في الوقت ذاته بإجماع أبناء المهرة الرافض لكل المحاولات التي تستهدف أمنهم واستقرارهم من قبل الجماعات المتشددة.
وأكدوا أن أبناء المهرة قادرين على افشال المخططات والمؤامرات التي تستهدف المهرة كما أفشلوها في السابق.
ويرى مراقبون أن أبناء محافظة المهرة يرون في هذه التحركات تهديد صارخ للنسيج الاجتماعي للمحافظة، وتكرار الكوارث الأمنية والسياسية التي عانت منها المحافظات الجنوبية الأخرى نتيجة سيطرة قوات “غير نظامية”، والتي خلّفت حالة من الفوضى والجريمة وجرّت البلاد إلى أزمات إقليمية خطيرة.
تابعوا شروين المهرة على
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news