حدث نيوز: صهيب المياحي
محمد المياحي لم يكن قائدًا عسكريًا، ولم يكن تاجر سلاح، ولم يتورط يومًا في نزاعات السلطة أو فوضى المليشيات. كان شابًا بسيطًا يحمل في يده قلمًا وفي قلبه وطنًا جريحًا. كتب عن الألم الذي ينهش أرواحنا، وعن
الجوع الذي يكسر ظهور الفقراء
، وعن الأحلام التي دفنتها الحرب تحت أنقاض البيوت.
إحدى عشر يوماً قضاها محمد في زنزانة معزولة، بلا طعام، بلا صوت يسمعه سوى صدى أفكاره. زنزانة مظلمة أرادت مليشيا الحوثي أن تجعلها قبرًا لأحلامه ولحقيقته. حتى الهواء، ذلك الحق الفطري، أرادوا أن يقطعوه عنه، وكأن القلم الذي حمله كان سلاحًا أشد خطورة من ترساناتهم العسكرية.
هذه المليشيا التي ترفع شعارات “الموت لأمريكا” و”النصر لفلسطين”، تمارس في اليمن ما لم تفعله إسرائيل بحق الفلسطينيين. إسرائيل، رغم جبروتها، تعترف بأنها عدو، بينما الحوثي يقتل أبناء وطنه بضمير ميت وباسم الدين. يرفع رايات المقاومة بينما يمارس أشنع أنواع القمع ضد من يفترض أنه حاميهم.
محمد، في سجنه، لم يكن مجرد فرد يقاسي القهر، بل كان صورة مصغرة عن وطن بأكمله، عن شعب تمزق بين جدران الخوف وأسوار القهر. هناك آلاف مثله، زُج بهم في غياهب السجون لأنهم قالوا الحقيقة. هناك آلاف، تم سحق كرامتهم تحت وطأة شعارات زائفة تدعي القداسة وهي أبعد ما تكون عن الدين أو الإنسانية.
في أي دولة، هناك علاقة متوازنة بين السلطة والشعب، حقوق وواجبات. لكن في اليمن، حيث يسيطر الطغيان، أصبح المواطن مجرد عبد في مملكة الظلم. إذا كان على الشعب واجبات تجاه السلطة، فمن يعيد لهم حقوقهم؟ أم أن قاموس الحوثي لا يعترف إلا بالخضوع الكامل، وإلا السحق الكامل؟
محمد والقلم المكسور هما رمز لكل صوت حر، لكل فكرة حاولت أن تكسر جدران الصمت. هما رسالة إلى العالم بأن الكلمة الحرة قد تكون أضعف من سلاح القمع، لكنها أقوى من أن تُقتل.
يا شعوب العالم، يا من تنادون بالحرية والعدالة، كيف تصمتون على طغيان كهذا؟ كيف تغضون أبصاركم عن وطن تُقتل فيه الحقيقة؟
محمد، والقلم الذي حاولوا كسره، سيبقيان شاهدين على أن الظلم لا يدوم، وأن الحق، مهما تأخر، سيعلو. لأن القمع قد يُسكت الأفواه، لكنه لا يقتل الأفكار. ومحمد، وإن خمد صوته، فإن حروفه ستظل نارًا تحرق عروش الطغاة.
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news