بعد الضجة التي أحدثتها أسئلة قاسم الأهبل نشرت صحيفة” الفضول” مقابلة معه أجراها صحفي اسمه عبد العليم. وكانت الضجة التي احدثتها المقابلة أعظم من ضجة الاسئلة ذلك أنها وضعت قاسم الاهبل في مرمى نيران الفقهاء والخطباء وأئمة المساجد الذين راحوا يصلونه بنيران لعناتهم.
وكانت مدينة عدن قد استيقظت ذات صباح على أصوات موزعي الجريدة من الأطفال والصبيان وهم يجوبون الشوارع ويصرخون بملء أصواتهم قائلين:
– النكاح صلاة الهبلان.. مقابلة مع قاسم الاهبل.
وبدافع الفضول راح الناس يستوقفون موزعي الجريدة وحتى الاميون منهم أشتروها يومها وأمام مقهى فارع في بداية سوق الطويل تحلَّق حوالي عشرة من العمال الاميين حول صبي كان في طريقه إلى المدرسة وطلبوا منه أن يقرأ لهم المقابلة وعندما استجاب الصبي وبدأ يقرأ طلبوا منه أن يرفع صوته ليسمعوه وراح الصبي يقرأ المقابلة على عجل وبصوت مرتفع:
الصحفي: هل تصلي ياقاسم ؟.
قاسم الاهبل: اصلي صلاة الهبلان.
الصحفي: وماهي صلاة الهبلان ؟!.
قاسم الاهبل: صلاتنا النكاح.
الصحفي: ايش تقصد ياقاسم ؟.
قاسم الاهبل: نحنا الهبلان مانصلي في مسجد ولافوق سجادة نصلي فوق القعادة.
الصحفي: لكن ربنا فرض الصلاة على المسلمين وانت مسلم.
قاسم الاهبل: نحنا الهبلان مش مسلمين.
الصحفي: بس انت مسلم ياقاسم حتى لو انت اهبل.
قاسم الاهبل: المسلمين مخاتين وانا مش مختون.
وفي المقابلة راح قاسم يهاجم الفقهاء وقال بأنهم يهربون من النكاح إلى الصلاة ومن الجماع إلى الجوامع وأنهم يكرهون الهبلان ولايريدون لهم الخير.
ويومها قامت القيامة على قاسم الاهبل وراح الفقهاء والوعاظ وأئمة المساجد يشتمونه ويلعنونه ويلعنون الصحفي الذي أجرى معه المقابلة والصحيفة التي وافقت على نشرها وقالوا يحتجون:
– هل خلت مدينة عدن من العلماء والحكماء والاذكياء حتى تذهب الصحف للبلهاء لتجري معهم مقابلات وحوارات !!.
لكن الرد العنيف والأعنف حدث في يوم الجمعة حيث شن الخطباء في مساجد عدن والمعلا والتواهي والشيخ عثمان هجوما كاسحًا على قاسم الأهبل وراحوا يشتمونه ويلعنونه ويحرضون المصلين ضده ويطالبون بطرده وقالوا بأن عدن مدينة الشطار والتجار والأذكياء وليست مدينة الهبلان والبلهاء.
وأما خطيب مسجد سوق الحراج فقد راح يتساءل قائلًا:
– من يكون هذا قاسم الأهبل ومن أي قرية هو؟!.
ويومها راح أهالي “قرية العكابر” الموجودون في عدن يتوجسون خوفًا من المقابلة ورأوا بأنها تسيئ إلى سمعتهم وسمعة قريتهم فضلاً عن أنها تورطهم وتضعهم في مواجهة مع الفقهاء ومع أئمة وخطباء المساجد. ولشدة ماكانوا غاضبين من قاسم الأهبل راحوا في مقيل النادي يلومونه ويوبخونه ويقولون له:
– ماهو هذا الكلام الاهبل حقك ياقاسم !! ليش تشتم الفقهاء وتقول بأنهم يهربوا من النكاح للصلاة ومن الجماع للجوامع !! وطلبوا منه أن يتوقف عن الادلاء بأحاديث للصحف وقالوا له بأنه بأحاديثه للصحف لايسيئ إلى نفسه فقط وانما يسيئ إلى أهل قريته المتواجدين في عدن ونصحوه أن يبقى في مطعم عبده سعيد ولايتدخل فيما لايعنيه. لكن قاسم الأهبل استشاط غضبًا وقال بأنه لم يترك زوجته في القرية ويأتي ألى عدن من أجل أن يختفي في مطعم عبده سعيد وانما جاء للبحث عن الحقيقة.
قال له عبده صالح وكان رجل دين متشدد وعضو الهيئة الإدارية للنادي بأنه سيجد الحقيقة في الصلاة مع الجماعة:
– “صلِّ ياقاسم.. لوصليت مع الجماعة في المسجد باتجد الحقيقة”.
قال له قاسم الاهبل بأن الحقيقة التي يبحث عنها لها علاقة بوجوده وبوجود الهبلان على الأرض وأخبرهم عن نبوءة فقيه القرية وعن قوله بأن الله يكره الهبلان وينوي القضاء على ذريتهم وإهلاك نسلهم وانه وزوجته سعود سيكونان آخر الهبلان في قرية العكابر.
وحينها عرفوا سبب هجومه على الفقهاء وراحوا يطمئنونه ويقولون له بأن فقهاء مدينة عدن طيبون ومتسامحون ومنفتحون وليسوا متعصبين ومتزمتين ومنغلقين مثل فقيه القرية وغيره من فقهاء مملكة الإمام.
ويومها بذلوا كل مابوسعهم لاقناعه بالصلاة وابدوا استعدادهم لتعليمه وكان هو يرفض وينكر أنه مسلم.
قالوا له: ياقاسم انت من قريتنا ومسلم مثلنا ليش تنكر؟.
قال لهم: أنتم مسلمين لأنكم مخاتين لكن أنا مش مختون. قالوا: نحنا مسلمين ومخاتين وانت مسلم ومختون مثلنا والكلام الذي قلته بالمقابلة كذب لان كل الناس بقريتنا مخاتين.
ويومها أقسم لهم قاسم بأنه ليس مختونًا وأن ماقاله في المقابلة صحيح.
قال له عبده صالح:
– “من اليوم ياقاسم نسموك: قاسم الكذاب لأنك كذبت على الصحفي وقلت له انك مش مختون وانت مختون”.
ولحظتها غضب قاسم الاهبل من كلام رجل الدين عبده صالح وحتى يثبت لهم بأنه ليس مختونًا نهض واقفا ورفع فوطته إلى مافوق ركبتيه وقال لهم وهو يشهر عضوه:
– “لوانا اكذب زبي مايكذب”.
وبعد أن أراهم عضوه صُعِقوا من كبر حجمه وغرابة شكله وبدوا مذهولين ومستغربين كيف أن أباه لم يختنه وكان أن راحوا يسألونه ويقولون له:
– ليش ابوك ياقاسم ماختنك ؟.
– قال لهم قاسم الأهبل:
– “ابي مش هو اهبل مثل ابوتكم يصدق الفقهاء”.
وشعر بعضهم بالحرج وقال التاجر عبد القوي شمسان بعد أن ابصر عضو قاسم الأهبل:
– والله ان ابوتنا هبلان صدقوا الفقهاء وقصُّوا أزبابنا وظلمونا ونحنا طلعنا هبلان مثلهم قصَّينا أزباب أولادنا وظلمناهم”.
وقال أحمد ردمان صاحب فندق الساحل الذهبي وكان متزوجًا بثلاث نسوان:
– “قسما بالله أن الهبلان هم نحن وليس قاسم”.
ويومها أجمع معظم المتواجدين في الديوان وهم يقارنون أعضاءهم بعضو قاسم بأن الختان جريمة وقال يوسف عبدالرب:
– والله أن قطع الزب أعظم من قطع الراس.
وحين سألوه عما جعله يقول ذلك قال لهم:
الرأس يقطعوا رأسك لأنك قتلت النفس المحرمة لكن الختان يقطعوا جزء منك وانت طفل رضيع وبدون إرادتك وهذه جريمة أعظم من جريمة قتل النفس.
وبعد أن كان الحديث عن الصلاة وعن ردود فعل الفقهاء من المقابلة راحوا يتحدثون عن الختان وعن عضو قاسم الأهبل الذي نجا من الختان.
وكان البعض يتحدث عنه بشيئ من الغيرة والبعض يتحدث عنه بإعجاب كما لو أنه يتحدث عن نبي أو قديس نجا من المقصلة وأما رجل الدين عبده صالح فقد راح يتكلم عنه بحقد كما لو أنه يتكلم عن مجرم فلت من العقاب.
كان الفقهاء في البداية يعتقدون بأن قاسم الاهبل يتهابل وكان لديهم اعتقاد بأن هناك شيوعيين وأشخاص علمانيين استخدموه وحرضوه ضد الفقهاء ورجال الدين واغروه بمهاجمتهم لكنهم بعد أن عرفوا بأنه أهبل حقًا وليس هناك جهة أو جماعة تقف خلفه راجعوا أنفسهم وأظهروا تعاطفهم وأبدوا استعدادهم ان يساعدوه ويأخذوا بيده ويثبتوا له بأنهم لايكرهونه ولايكرهون الهبلان .
وبعد مرور اسبوعين على المقابلة حضر إلى مقر نادي قرية العكابر إمام مسجد سوق الحراج وألتقى برئيس وأعضاء الهيئة الإدارية للنادي وأخبرهم عن رغبتهم في مساعدة قاسم الأهبل في أن يكمل دينه بالختان وأخبرهم عن تبرعات تم جمعها من المصلين لتدفع للمستشفى التي ستجري له عملية الختان وطلب منهم أن يتصلوا به ويقنعوه.
وفي يوم الخميس عندما حضر قاسم الأهبل مقيل النادي راحوا يغرونه ويشجعونه ويطلبون منه أن يوافق على إجراء عملية الختان وقالوا له بأنها عمليه بسيطة وسهلة وبأن الطبيب الذي سوف يجريها سيقوم بتخديره ولن يشعر بأي ألم وزادوا فقالوا له بأنه بعد دفع تكاليف العملية سوف يدفعون له ماتبقى من تلك المبالغ التي جمعت باسمه لينتفع بها وأن كل ماهو مطلوب منه بعد خروجه من عملية الختان هو أن يداوم على الصلاة في المسجد.
وبعد أن اكملوا كلامهم أنتفض قاسم الاهبل وقال لهم:
– “انا الغلطان روّيتكم بزبي وبعدما شفتموه كبير حسدتونا وتشتو تقصوه”.
قالوا له بأن الفقهاء وأئمة وخطباء المساجد سامحوه على الكلام الذي قاله وأنهم من حبهم له يحبون له الخير وهم من سيدفع تكاليف ختانه للمستشفى.
وما إن عرف قاسم الأهبل بأن الفقهاء هم وراء فكرة ختانه رفض رفضًا قاطعًا وصرخ قائلاً:
“يحبوا لي الخير ويقطعوا زبي!”.
قال له رجل الدين عبده صالح:
– “اقبل ياقاسم وخليهم يقطعوا زبك بدل مايقولوا عليك كافر ويقطعوا راسك”
قال له قاسم الأهبل:
– “يقطعوا راسي ياعبده صالح ولايقطعوا زبي”.
قال له عبده صالح موضحًا مفهوم الختان:
– “ياقاسم من قال لك أنهم بايقطعوا زبك هم بايقطعوا الحشفة فقط”
وظن قاسم بأن الحشفة ربما تكون شيئًا آخر غير الفيشلة فقال يسأله:
– ماهي الحشفة ياعبده صالح ؟!.
قال له عبده صالح: ” الحشفة هي الفيشلة راس الذكر”.
قال له قاسم الأهبل: الله خلق لكل شي رأس ياعبده صالح وكل شي تقطع رأسه يموت.
وراح عبده صالح يحاول اقناعه ويقول له:
– “النبي ابراهيم ياقاسم وهو نبي اختتن وعمره ثمانين سنة وختنوه بقدُّوم”.
وكأنه وجد في كلام عبده صالح مخرجاً وصرخ قائلاً:
– “شفت ياعبده صالح.. شفتم ياجماعة حكمة ربنا.. الشجرة يقطعوها وقدهي يابس حطب وربنا أمر يقطعوا زب النبي ابراهيم وعمره ثمانين سنة أنا ذلحين عمري ثلاثين باقي لي خمسين سنة لوما اوصل لعمر النبي ابراهيم وبعدا اقلعوا زبي من العروق”.
وفيما راح الموجودون في مقيل النادي يضحكون من كلامه..
صرخ فيه عبده صالح وقال له وهوفي أشد الغضب:
– “تقارن نفسك بالنبي إبراهيم يا اهبل.. والله لو النبي ابراهيم ختنوه بقدُّوم
أنت تستحق يختنوك بمنشار”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news