بين كرامة مرسال وأبوبكر سالم: طبقية الفن وتفرد المسار

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 69 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
بين كرامة مرسال وأبوبكر سالم: طبقية الفن وتفرد المسار

في تاريخ الأغنية الحضرمية واليمنية بشكل أوسع، يتبوأ اثنان من أبرز الأسماء مكانة استثنائية: كرامة مرسال وأبوبكر سالم. رغم أن مسيرتيهما تبدوان متشابهتين من ناحية البصمة الصوتية والإسهامات الفنية، إلا أن الفارق الجوهري بينهما يتجلى في المسار الذي اختاره كل منهما وكيفية تلقيهما للدعم والتقدير. بين هذا وذاك، يظهر جليا أن كرامة مرسال يمثل صوت الطبقات الشعبية المكافحة، بينما أبوبكر سالم يجسد نموذج الفنان الذي فتحت له الأبواب الواسعة، وأتاح له الحظ فرصا غير محدودة.

إن كرامة مرسال ليس مجرد مغنٍ بل هو رمز للطبقات التي عانت من التهميش في اليمن، وخاصة حضرموت. ورغم الصعوبات التي واجهها طوال مسيرته، من الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي إلى غياب الدعم الإعلامي والمالي، إلا أنه فرض احترامه وصوته بعظمة كبريائه.

لقد غنى كرامة مرسال كمناضل، وكما لو كان يحارب بفنه دفاعا عن هويته وكرامته الشخصية والجماعية.

لم ينل الدعم الملكي أو المكرمات الأميرية كما نال غيره، ولم تُفتح له المنابر الكبرى أو تُسخر له الآلات الإعلامية لتمجيده، ولكنه رغم ذلك استطاع أن يقتحم قلوب الناس ويحظى بمكانة فريدة.

وهكذا تفرد كرامة مرسال بمساره،ولا تكمن أهميته  فقط في صوته القوي أو أغانيه المؤثرة، بل في رمزيته بوصفه ابن الشعب اليمني، ابن التحديات والصعوبات التي واجهت المواطن اليمني العادي.

غناؤه لم يكن مجرد تسلية، بل كان نضالا صامتا (جوهريا) ضد الظلم والتهميش. وكأنه بصوته كان يقول: “أنا هنا، وإن لم أحظَ بما حظي به الآخرون، فإنني سأبقى وأصمد”.

على الجانب الآخر، نجد أبوبكر سالم، الفنان الذي ينحدر من خلفية هاشمية( سيد) ، والذي كان له نصيب أوفر من الفرص المتاحة، سواء في اليمن أو في الخليج. لقد فُتحت أمامه أبواب الشهرة، واستقبلته المنابر الإعلامية والمنصات العربية بترحاب كبير. نعم، أبوبكر سالم كان يتمتع بصوت مذهل وأداء لا يُنسى، ولكن لا يمكن إنكار أن البيئة التي تحرك فيها ساعدته على الوصول إلى مكانة لم يحلم بها كثيرون من أمثاله.

لقد حصل أبوبكر سالم على دعم لا محدود من حكومات الخليج، مما فتح أمامه آفاقاً واسعة للانتشار الإقليمي والعالمي. تم تنظيم حفلاته في أرقى المسارح والمنصات، وتمت الإشادة به من قبل الإعلام العربي الذي انحاز إليه بشكل واضح. هذه الدعوات الإعلامية كانت مفتاحا لشهرته الكبيرة، إذ تم تلميع اسمه وصورته بما يتجاوز كونه مجرد فنان موهوب، ليصبح رمزا كبيرا للفن الخليجي واليمني.

ولكن هنا تكمن المفارقة: أبوبكر سالم، رغم كل هذا الدعم، لم يترك تأثيرا شعبيا كما فعل كرامة مرسال. لقد كانت مسيرته مكللة بالنجاح المادي والاجتماعي، لكنه افتقد ذلك العمق الشعبي الذي ميز كرامة مرسال. بينما غنى كرامة مرسال للأرض والناس والفقراء، غنى أبوبكر في أجواء رفاهية تختلف تماما عن واقع الشعب اليمني البسيط.

إن الفارق الواضح بين كرامة مرسال وأبوبكر سالم لم يكن فقط في صوتهما، بل في الطبقية التي سادت تعاملهما مع الإعلام والأنظمة السياسية والاجتماعية. بينما ناضل كرامة مرسال وحيدا، كان أبوبكر سالم محاطا بدعم إعلامي وسياسي كبير، مما جعله وجها مفضلا لدى الجمهور العربي الكبير، خاصة في دول الخليج.

هذه “البروباغندا” الإعلامية لم تكن فقط مجرد دعم فني، بل كانت جزءا من نظام يشيد بالفنانين الذين يتماشون مع اتجاهات سياسية واجتماعية معينة. أبوبكر سالم، رغم مهارته الفنية، استفاد من هذا التماهي مع الأنظمة التي دعمته، بينما ظل كرامة مرسال يقاتل وحيدا، دون أن يحظى بمكرمات أو دعم مماثل.

قد يكون كرامة مرسال لم يحظَ بالشهرة الواسعة التي حظي بها أبوبكر سالم على الصعيد العربي، لكن إرثه يظل متجذرا بعمق في قلب الشعب اليمني والحضرمي. إن تفرد كرامة مرسال يكمن في كونه من طين الأرض، فنانا يعبر عن أوجاع الشعب اليمني والحضرمي وتطلعاتهم. رغم أنه لم يحظ بالترف الذي توافر لأبوبكر سالم، إلا أن مسيرته الفنية كانت أكثر قربا لواقع اليمني العادي، لذلك يجد من يتشيع له متماهيا مع جذوره وهويته الطبقية.

لا يمكن لأحد أن ينكر تأثير أبوبكر سالم، ولكن في النهاية، كان كرامة مرسال هو الفنان الذي تجاوز كل الصعوبات وكتب اسمه في سجلات الفن اليمني بتحدٍ وكبرياء.

إن المفاضلة بين كرامة مرسال وأبوبكر سالم ليست مجرد مقارنة بين صوتين متميزين، بل هي مقارنة بين مسارين حياتيين مختلفين. أبوبكر سالم، برغم فنه الراقي، حظي بما لم يحظَ به كرامة مرسال من دعم وفرص. وبينما توج أبوبكر سالم على المنابر الكبرى، صنع كرامة مرسال طريقه الخاص، بكرامة وفخر.

ربما لن يتفق الجميع مع هذه الرؤية، ولكن الحقيقة المرة تبقى: الفن لا يقاس فقط بما يحققه الفنان من نجاح مادي أو إعلامي، بل بما يتركه من أثر في وجدان الناس. وفي هذا الصدد، يظل كرامة مرسال ملكا متوجا في قلوب أبناء حضرموت واليمن عموما، ليس بفعل “البروباغندا” أو الدعم الخارجي، بل لأنه فنان من الناس وإليهم.!.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

هذا ما يحدث الآن لناقلات النفط بميناء الحديدة بعد غارات اسرائيلية مدمرة

المشهد اليمني | 8399 قراءة 

عاجل : مجزرة كبيرة تتعرض لها ميليشات الحوثي في رداع...عشرات القتلى والجرحى ومقتل عدد من القيادات "تفاصيل "

جهينة يمن | 5530 قراءة 

عاجل : بشرى سارة ...الرئيس العليمي يفاجئ الجميع ويوجة بارسال هذا الدعم العاجل "تفاصيل"

جهينة يمن | 5344 قراءة 

البنك المركزي في صنعاء يعلن بدء صرف رواتب موظفي الدولة.. أماكن الاستلام

مساحة نت | 4121 قراءة 

اندلاع معارك حامية الوطيس في ثلاث محافظات والقوات المسلحة اليمنية تكبد الحوثيين خسائر فادحة

المشهد اليمني | 2809 قراءة 

”اغتيال مهدي المشاط بقصف على دار الرئاسة بصنعاء”.. ما الحقيقة وما سر اختفائه الغامض؟!

المشهد اليمني | 2753 قراءة 

توضيح جديد هام من صنعاء حول صرف المرتبات

مساحة نت | 2463 قراءة 

حالة من الرعب تجتاح الحوثيين: حملات اعتقال واسعة في صفوف القيادات

المشهد اليمني | 2449 قراءة 

شاهد: سر نجاة منزل في لوس أنجلوس من الدمار رغم الحرائق التي حولت جميع المنازل المجاورة له إلى رماد

نيوز لاين | 2448 قراءة 

بعد ان قاموا بدعوتها لمنزلهم...لن تصدق ماذا فعل شباب سعوديين بسيدة ايطالية في مدينة حائل"شاهد"

جهينة يمن | 2444 قراءة