الكاتب : محمد قشمر
أثارت مقابلة الأخ رئيس مجلس الرئاسة الدكتور رشاد العليمي الكثير من ردود الأفعال المتباينة، حيث تلقاها الكثير من أبناء اليمن بالسخرية والانتقاد، بل والانتقاد الحاد والهجومي واللاذع.
الدكتور رشاد العليمي كأكاديمي وسياسي متمرس اظن أنه يعي تماماً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، كما أنه أظن أنه يعي تماماً المرحلة التي ت اختياره فيها لتولي زمام السلطة في اليمن، وحتى وإن حاول البعض تشويه وجوده السياسي في المرحلة الراهنة فإنه يبقى متحملاً مسؤولية عظيمة جداً، وأكاد أجزم أنه حتى للحظة لم يقدم ما كان مرجواً منه، ولكنه يبذل جهوداً، ولو كانت متواضعة ليس لأنه لا يجيد العمل السياسي والدبلوماسي، أو لا يجيد فن القيادة، بل لأن الوضع التي تعيشه اليمن تجبره على اتخاذ قرارات من وجهة نظره قد تكون هي الأنسب.
عندما تحدث الأخ الرئيس في مقابلته المتلفزة عن المساعدة في زيادة الدعم المقدم من المنظمة الخيرية التي تغذي خمسين ألف وجبة من الروتي والفاصوليا، وصرح بأنه وجه بإضافة خمسين ألف وجبة أخرى من الروتي والفاصوليا، ومن وجهة نظري المتواضعة أرى أنه لم يكن موفقاً في طرحه كونه أكاديمي وسياسي متمرس يعيش في لحظة زمنية استثنائية.
والفعل والكلمة لها وزن دقيق عندما تصل إلى المجتمع اليمني الذي ينتظر منه اكثر من وجبة روتي وفاصوليا، ولكن وما أرى أنه يجب علي التطرق اليه هو أني أحسن الظن به كونه يعلم يقيناً أن هناك الافاً من اليمنيين يتضورون جوعاً، وأن ملاييناً من اليمنيين يقعون تحت خط الفقر، وأن الجوع والفقر والمرض يعيثون في اليمن واليمني البسيط فساداً وقهراً.
والكارثة التي يراها الجميع وعلى رأسهم كل التكتلات السياسية والحزبية والقيادات السياسية هي أن هناك حقائق لا تقبل الرفض أو التزوير أو الإخفاء، فهي حقائق قابعة أمام أنظار كل العالم وليس اليمنيين فقط، ومن هذه الحقائق أن اليمن دولة ليست فقيرة أبداً، وأن اليمن دولة ليست ذو طبيعة جافة صحراوية، وأنها أيضاً دولة لا تفتقر إلى الثروات المعدنية والزراعية الحيوانية وغيرها ، بل أنها عكس ذلك، وهذا بشهادة العالم، إذا لماذا يرى رئيس مجلس القيادة الرئاسي أن زيادة خمسين ألف وجبة من الروتي والفاصوليا في محافظة واحدة يمكن أن تكون حلاً ولو مؤقتاً لأولئك الجائعين.
ومن زاوية حسن الظن بالأخ رئيس مجلس الرئاسة اليمني رشاد العليمي أن تخفيف وطأة الجوع عن خمسين ألف جائع من أبناء اليمن في إحدى المحافظات هي أحسن من البقاء ساكناً دون تقديم شيء يذكر، وتحت شعار أن تشعل شمعة خيراً من أن تلعن الظلام.
فهل ذلك الفعل الرئاسي بتوفير تلك الوجبات عمل سيء، أو عمل جبان قاصر؟ طبعاً لا يقول بهذا إلا سيء الفكر والنية ، ولا يقول بذلك الكلام إلا من لا يدرك حجم المسؤولية على عاتق العليمي بحد ذاته دون أعضاء المجلس الرئاسي، ولكنا نؤكد للأخ الرئيس رشاد العليمي أنه قادر علي تقديم اكثر من ذلك الأمر، ومن باب حسن النية دعوني أقدم شكري له على تلك الوجبات التي وجه بزيادتها لتخفيف وطأة الجوع على بعض اليمنيين في محافظة من المحافظات، ونؤكد أيضا أن الأخ رئيس المجلس الرئاسي قادر وبقوة على اتخاذ قرارات مهمة يمكن أن تكون ذات فعالية وأثر أقوى بألاف المرات من قرار زيادة الوجبات من الروتي والفاصوليا، ومن أهم تلك القرارات المصيرية مكافحة الفساد المشتري، وتفعيل الجانب الاقتصادي اليمني في معركة لا ولن تقل أهميتها عن معركة استعادة الجمهورية التي حتى الان فشلت الشرعية على استعادتها كما ينبغي.
ونحن أيضاً نعلم يقيناً أن هناك ضغوط إقليمية ودولية ليست بالهينة في الملف اليمني، الذي يعلم الجميع أنه يدار بأيدي دولية مختلفة لها أجنداتها ومصالحها الخاصة التي لن تفرط فيها، والمطلوب من الأخ رئيس مجلس الرئاسة هو أن يمثل اليمنين في معركة الاقتصاد كطرف يقاتل من أجل أن ينتصر لقضاياه، لا من أجل أن يرضي الأطراف الإقليمية الدولية وعلى رأسها المبعوث الدولي والمبعوث الأمريكي على حساب اليمن واليمنيين.
إن اليمن مازالت في المستنقع وما زال اليمنيون يعانون من الثالوث الرهيب من الجوع والفقر والمرض، وأن مهمة الدكتور رشاد العليمي لا تقتصر على المداراة والإرضاء لأي طرف دولي على حساب مصالح اليمن واليمنين. اليمن تعيش اسوء أزمة إنسانية عرفها التاريخ اليمني الحديث، والدكتور رشاد العليمي إن لم يصر على القتال من أجل اليمن فأنا أثق أنه لن يقدم شيء لا لذاته وتاريخه ولا للتاريخ اليمني الذي لن يرحمه، ولن يخلده لأنه وفر خمسين ألف وجبة من الروتي والفاصوليا لخمسين ألف جائع في الوقت الذي يموت فيه ملايين اليمنيين من الجوع والفاقة وخصوصاً في ظل وجود منظمات دولية تقدم تقارير مخيفة عن الجوع ولا تقدم ما يجب تقديمه.
إلى الأخ رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إن لم تدرك مكامن القوة والضعف التي بين يديك، وإن لم تستطع تعيين الأقوياء معك في معركتنا لاستعادة اليمن من مستنقع التخلف، والجوع والفقر والمرض، فإن التاريخ لن يرحمك ولن تكون أكثر من أداة بيد غيرك لتمرير ما يريدون تمريره على حساب شعبك ووطنك.
ما زلت أحسن الظن بك، وأذكرك أن لنا موانئ غير الحديدة التي يصر المجتمع الدولي على جعله المنفذ الوحيد لدخول المساعدات والواردات المختلفة من الغذاء والدواء، وأذكرك أنه هناك مطار في عدن يحتاج إلى تفعيل دوره ليكون أداة من أدوات الإيرادات المالية، وهناك مطار في حضرموت وأخر في المخا، ينتظر توجيهاتكم الصارمة، ويجب عليكم أن تقاتلوا أكثر مما يقاتل عدوكم لإيجاد جهات متعددة للطيران من وإلى صنعاء، كما أذكركم بأن رجال الاقتصاد والمال قادرين على مساعدتكم في اتخاذ القرارات المالية والاقتصادية، والتي هي جزء من المعركة الاقتصادية والعسكرية، وتأكدوا يا رئيس المجلس الرئاسي أن الشعب يدرك الكثير. وأن الغاء القرارات الأخيرة الصادرة من البنك المركزي اليمني كسرت ظهر اليمنيين الذين أيدوك فتركتهم رغم علم الجميع أن قرار الغاء تلك القرارات كانت بضغط كبير جداً خارجي لا ولم تقوى على مقاومته.
وبعد هذا كله وبعد لقائك التلفزيوني الأخير وموضوع الروتي والفاصوليا يجب عليك أن تتخذ قراراً يؤكد مكانتك كرئيس حقيقي لليمن، وما زلنا ننتظر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news