ندوة اليوم الو

اليمن – 1 يناير 2025

انعقدت اليوم الأربعاء 1 يناير 2025 ندوة هامة عبر الفضاء الالكتروني بمناسبة اليوم الوطني للسلام، تحت شعار “السلام يبدأ بالحوار، يُبنى بالشراكة، ويترسخ بالتنمية”، بحضور واسع من نخبة من الأكاديميين والخبراء من مختلف المجالات، بالإضافة إلى مشاركة فعّالة من ممثلين عن مختلف محافظات اليمن. وقد تناولت الندوة سُبل تحقيق السلام العادل والشامل في اليمن، واستعرضت التحديات التي تعرقل العملية السلمية، فضلاً عن الفرص المتاحة لإعادة إحياء الجهود السلمية التي طالما توافقت عليها الأطراف السياسية المختلفة.

محاور الندوة وأبرز القضايا المطروحة

ناقش المشاركون في الندوة عدداً من المحاور الحيوية التي تشكل أساساً لتحقيق سلام دائم في اليمن. فقد تم التطرق إلى التحديات السياسية التي تواجه عملية السلام، مثل استمرار النزاع المسلح بين الأطراف المتصارعة، وكذلك التحديات الاقتصادية التي أضرت بالبنية التحتية وأدت إلى تفشي البطالة والفقر. كما تم استعراض التحديات الاجتماعية المتعلقة بالتصعيد الطائفي والمناطقي والقبلي، الأمر الذي أثر سلباً على النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية، في المقابل، ركزت الندوة على الفرص المتاحة لإحياء عملية السلام، عبر استعادة الثقة بين الأطراف المختلفة وتعزيز الشراكة المجتمعية.

وقد تم التأكيد على دور المرأة والشباب كعناصر محورية في تحقيق السلام المستدام. حيث اعتُبر تمكين المرأة والشباب من المشاركة في العملية السياسية والاجتماعية عاملاً أساسياً لضمان نتائج إيجابية تؤدي إلى بناء مجتمع مستقر وموحد.

إطلاق المبادرة الثانية للسلام في اليمن

وفي خطوة بارزة، أعلنت اللجنة اليمنية للسلام عن إطلاق المبادرة الثانية للسلام، التي تهدف إلى تعزيز الحوار الوطني وتحقيق المصالحة الوطنية بين الأطراف المختلفة.

المبادرة، التي تسعى إلى بناء سلام شامل ومستدام، تتضمن عدة مراحل رئيسية تهدف في مجملها إلى إعادة بناء الثقة بين الأطراف المتصارعة وتوجيه الجهود نحو إيجاد حلول سياسية للأزمة اليمنية.

المبادرة ترتكز في مرحلتها الأولى على تهيئة الأجواء للمصالحة الوطنية، والتي تتضمن إقامة مشاورات مع الأطراف المتنازعة بهدف طي صفحة الماضي والتركيز على آفاق المستقبل. تم التأكيد على ضرورة الابتعاد عن خطاب الكراهية والتحريض، بالإضافة إلى أهمية ترشيد الخطاب الإعلامي الذي يمكن أن يسهم في نشر ثقافة السلام.

ومن بين أبرز أهداف المبادرة أيضاً إزالة التوترات وبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، وهو ما يتطلب اتخاذ خطوات عملية نحو تطبيق مبدأ الحوار بدلاً من التصعيد أو اتخاذ خطوات أحادية قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة.

مرحلة المفاوضات السياسية الشاملة

المرحلة الثانية من المبادرة تتعلق بالتحضير لمفاوضات شاملة مع الأطراف اليمنية كافة، مع ضرورة تحديد الأطراف المشاركة في المفاوضات، والإعداد المسبق لإطار عام للمفاوضات، بحيث تشمل قضايا وقف الحرب، وتحديد المرحلة الانتقالية التي ستعقب وقف النزاع. كما تناولت المرحلة الثانية ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط توافقية تكون قادرة على إدارة المرحلة الانتقالية، وتحقيق الاستقرار الأمني من خلال إعادة هيكلة القوات المسلحة وتوزيع المسؤوليات الأمنية بشكل عادل.

وقد تم التأكيد على أن وقف الحرب يُعد أمراً بالغ الأهمية في المرحلة القادمة، بحيث يكون على رأس الأولويات. كما تم مناقشة ضرورة أن تُبذل جهود كبيرة في إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية لتصبح أكثر توافقاً مع تطلعات الشعب اليمني.

العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار

فيما يتعلق بالمرحلة الثالثة من المبادرة، تركزت على تحقيق العدالة الانتقالية عبر إجراءات محددة تهدف إلى معالجة الآثار الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على سنوات من الحرب. من بين هذه الإجراءات: إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وجبر ضرر المواطنين المتضررين من النزاع، بالإضافة إلى إعادة الأراضي والممتلكات المنهوبة الخاصة والعامة .

وشددت المبادرة على ضرورة أن تتحمل الأطراف الإقليمية والدولية المتورطة في الحرب اليمنية المسؤولية، وذلك عبر تقديم الدعم المالي والفني لإعادة الإعمار والمساهمة في تعويض المتضررين من الحرب. كما تم التأكيد على أن العدالة الانتقالية جزء لا يتجزأ من إرساء السلام الدائم في البلاد.

رسالة وحدة الصف الوطني

الندوة كانت بمثابة دعوة حقيقية إلى وحدة الصف الوطني، حيث أكد المشاركون على ضرورة توحيد الجهود من جميع الأطراف السياسية والاجتماعية من أجل التوصل إلى حلول سلمية شاملة. تم التأكيد على أن أي تسوية سلمية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال التضامن الوطني والعمل المشترك، بعيداً عن الخلافات والاختلافات التي قد تعيق العملية السياسية.

كما أكد المتحدثون أن استقرار اليمن يمثل أمراً بالغ الأهمية لأمن المنطقة والعالم، وأن تحقيق السلام العادل والشامل في اليمن سيتيح الفرصة لدعم التنمية الاقتصادية والحد من الفقر، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

الوثبة الشعبية 

وفي هذا السياق، تم تسليط الضوء على أهمية الوثبة الشعبية لدعم جهود السلام، حيث دعا المشاركون جميع فئات المجتمع اليمني إلى ممارسة الضغط على الأطراف المتنازعة لاستئناف الحوار الوطني، بما يضمن إنهاء الحرب، والحفاظ على السيادة الوطنية كأولوية قصوى.

كما أكد الجميع  بإن الوثبة الشعبية السلمية ليست مجرد دعوة للتغيير، بل هي استحقاق وطني يُجسد إرادة الشعب اليمني في إنهاء الصراع وبناء مستقبل قائم على السلام والشراكة والتنمية ورسالة واضحة بأن الشعب هو صاحب القرار ، وأن صوتنا الجماعي قوة سوف تُجبر الجميع على العودة إلى الحوار، من أجل يمنٍ ينعم بالأمن والكرامة والتنمية، وأن السلام الذي نصنعه بأيدينا هو الأجمل والأبقى.

التزام اللجنة اليمنية للسلام بمواصلة جهودها

في ختام الندوة، جددت اللجنة اليمنية للسلام التزامها الثابت بمواصلة جهودها الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد. وأكدت اللجنة أن المبادرة الثانية للسلام تمثل فرصة تاريخية للشعب اليمني، ودعت جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية إلى التفاعل الإيجابي مع المبادرة والعمل على دعمها من أجل مستقبل مستقر وآمن لليمن وشعبه.

كما شددت اللجنة على أن التسوية السلمية هي الحل الوحيد لإنهاء الأزمة، وأن المصالحة الوطنية وتطبيق العدالة الانتقالية هما أساسان لبناء يمن موحد يحقق آمال وتطلعات جميع أبنائه.