أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” إسحاق الحميري:
شهدت المنطقة العربية أواخر العام 2024 تحولات سياسية وأمنية وعسكرية عميقة، تترافق مع انهيار نفوذ المشروع الإيراني في عدة ساحات إقليمية، أبرزها لبنان وسوريا.
وفي اليمن، يتواصل الجمود السياسي وسط مؤشرات على تغييرات محتملة في المشهد الإقليمي والدولي، قد تُلقي بظلالها على مسار التسوية السياسية وأوضاع الأطراف المحلية.
في هذا التقرير ينقل “يمن ديلي نيوز” آراء خبراء وباحثين حول التغيرات الحالية وسيناريوهات المستقبل، في ظل استمرار حالة “اللا حرب واللا سلم” وتأزم الأوضاع الاقتصادية، مما يفاقم معاناة المواطن اليمني يومًا بعد يوم.
تبقى اليمن
يقول الباحث في جامعة كولومبيا الدكتور “عادل دشيله” إن المنطقة أو الإقليم يمران بمرحلة تحول كبير على المستويين الأمني والعسكري وأيضًا السياسي، وهناك تحولات واضحة ولا تحتاج إلى عدسات مكبرة حتى تتضح الصورة.
وأضاف لـ”يمن ديلي نيوز”: ما يحصل في المنطقة العربية بشكل عام وخصوصًا ضد المشروع الإيراني وانهيار ذراعه في لبنان، والتي يعتبر خط الدفاع الأول لإيران وهي المركز الإقليمي لما يسمى بمحور إيران، وحاليًا في سوريا.
وأوضح: أنه لم يتبق لدى إيران إلا جماعات مسلحة في العراق، بالإضافة إلى جماعة الحوثي في اليمن، وهذه الجماعات المسلحة غير قادرة على حماية المشروع الإيراني.
وذكر الباحث عادل دشيله في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” أن انهيار المشروع الإيراني في المنطقة، يؤكد أن هناك تحولًا في المشهد الدولي والإقليمي تجاه إيران بأنه لا بد من قصقصة أجنحة إيران في سوريا ولبنان.
وأشار إلى أن جماعة الحوثي يدركون الآن أن المشروع الإيراني انهار والصور القادمة من شمال سوريا وأيضًا من لبنان، ولذلك الآن “يدرسونها جيدًا”.
وتوقع الباحث دشيله أن انهيار المشروع الإيراني قد يدفع بجماعة الحوثي إلى الارتماء في حضن السعودية بشكل كامل وتقديم تنازلات جوهرية حتى عن تلك التي كانت تطالب بها خلال المرحلة الماضية.
وقال: “سيكون هناك تسوية سياسية بناء على رغبات الإقليم، وبما يراه مناسبًا لليمنيين، ولم تكن هناك تسوية سياسية بناء على رغبة الحوثي أو حتى على رغبة الأطراف اليمنية الأخرى المناوئة لجماعة الحوثي”.
كيانات متناقضة
ولفت إلى أن “السيناريو الأول هو حدوث اختراق في جدار الأزمة، من خلال عقد اتفاق سياسي، وهذا الاتفاق هش، لأنه لن يناقش مصالح اليمنيين، وسيكون عبارة عن اتفاق مؤقت وغير قابل للاستمرار”.
وأضاف أن السيناريو الآخر هو “في حال لم تقبل جماعة الحوثي بالدخول في تسوية سياسية وتتخلى عن شروطها التعجيزية، فإن هناك المجتمع الدولي وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن حلفاء محليين لمواجهة جماعة الحوثي”.
وأردف: “أن الولايات المتحدة غير قادرة على إيجاد حلفاء في اليمن، فهناك المجلس الانتقالي في الجنوب لديهم مشروع انفصالي وبالتالي غير مؤهل ليقود دفة الحكم في اليمن، بالإضافة إلى مشروع “طارق صالح” هو عبارة عن مشروع صغير وغير قادر على التحكم بالجغرافيا السياسية للجمهورية اليمنية”.
أما بالنسبة للحكومة الشرعية، قال دشيله: إنها عبارة عن كيانات متناقضة، وبالتالي المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية غير مستعدين للتعامل مع هذه الأطراف المتناقضة، وسيستمر البحث عن كيفية الموازنة بين المصالح الإقليمية والدولية، مع وجود ضغط عسكري على جماعة الحوثي.
وتابع: “أن الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في اليمن خلال العام المقبل سيبقى على حاله، مما يعني أن المواطن اليمني سوف يتأثر”.
بالإضافة إلى ما سبق، توقع الباحث دشيلة في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” سيناريو ثالث في اليمن في قادم الأيام وهو: “لا حرب، ولا سلم، ولا مصالحة، ولا تسوية سياسية”، وبالتالي ستبقى الأطراف اليمنية مفككة، ولن تنفذ مشاريعها الخاصة وبالتحديد الانتقالي والحوثي والحكومة الشرعية.
وأشار إلى أن التكبيلات التي تواجه الحكومة الشرعية لن يمكنها من حسم الموقف عسكريًا لأنها مكبلة وغير قادرة على اتخاذ القرار السياسي والعسكري بدون موافقة الإقليم، وفي هذه الحالة استمرار حالة اللا حرب واللا سلم قد يخرج الأمور عن السيطرة.
طرف آخر
وبناء على ما سبق توقع دشيله ظهور طرف آخر في المعادلة السياسية يستطيع أن يفرض الأمر الواقع، وفي الوقت الراهن لا نعرف ما إذا كان لديه القدرة على عمل شيء، ولا نعلم إن كان سيستطيع أن يفرض السيطرة على الجغرافيا السياسية ما لم يكن هناك دعم إقليمي ودولي.
وقال: يجب علينا أن نستفيد مما حصل في سوريا، فهناك دعم إقليمي لهؤلاء من خلال حليفهم الاستراتيجي والذي ساعدهم لتغيير الكفة العسكرية لصالح المعارضة السورية، وفي ظل هذا الوضع تحتاج إلى دعم إقليمي ودولي حتى تستطيع التغلب على العقبات العسكرية والأمنية، لكي يستقر الوضع في البلد.
واختتم الباحث دشيلة حديثه لـ”يمن ديلي نيوز”، قائلاً: هناك عدة احتمالات وسيناريوهات، ولا نستطيع أن نحدد في الوقت الراهن أيهما أقرب إلى الواقع.
وتحدث، أنه بالإمكان أن يحدث اختراق في جدار الأزمة وهذا مرهون بما ستؤول إليه الأحداث في المنطقة وعلى وجه التحديد في سوريا وفي لبنان، في حال انهار المشروع الإيراني بشكل كامل في هذه المنطقة، فإن بوادر التسوية السياسية قد تكون واردة وبشكل كبير.
امتداد للأعوام السابقة
ومن جانبه، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث “عبدالسلام محمد” إن أحداث اليمن شبه جامدة تمامًا على المستوى الوطني، وكل الأحداث التي حدثت في العام 2024 هي امتداد لأحداث في أعوام سابقة.
وأضاف خروج جماعة الحوثي إلى البحر الأحمر وقطع الملاحة الدولية امتدادًا لما حصل في أكتوبر بقطاع غزة هو الحدث الأكبر، وسلط الضوء على الوضع في اليمن بشكل كبير، وجعل اهتمامات اليمن بدرجة رئيسية لدى صانع القرار الدولي، خاصة أنه أظهر الحوثيين كجماعة مهددة للأمن الإقليمي والدولي بشكل عام.
وتحدث رئيس مركز أبعاد لـ”يمن ديلي نيوز” عن حدث آخر هو امتداد هدنة 2022 تقريبًا، واستمرار خفض التصعيد في اليمن، وعدم وجود مواجهات عسكرية، باستثناء بعض الصواريخ العابرة للحدود التي شنتها خارج نطاق اليمن، مع اختراقات كثيرة ضد المناطق التي تحكمها الدولة.
وتابع: الوضع الاقتصادي السائد هو الأكثر تأثيرًا على الشعب اليمني، خاصة أن الحوثيين هددوا موانئ تصدير النفط وأوقفوا عملية التصدير مما انعكس سلبًا على الوضع العام على العملة الوطنية وعلى الوضع المعيشي.
وتحدث عن تحركات “نستطيع أن نقول كل طرف حذر فيها، وهي تتمثل في التوسع أو حالة التدريب والتأهيل التي تتم في كلا الطرفين في الجانب العسكري”.
وأشار إلى أن هناك مخاوف لدى الطرفين من أي مواجهة، بالإضافة إلى أن الأطراف شهدت خلافات داخلية، فبالنسبة للحوثيين هناك صراع كبير جدًا على الثروة والسلطة داخل هيكل الجماعة، وكذلك بالنسبة للحكومة اليمنية، هناك خلافات كثيرة بين أطرافها.
جمود كلي
أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتور “ناصر الطويل” من جانبه قال إن العام 2024 هو امتداد للأوضاع التي تأسست في عام 2022، فمنذ ذلك الوقت دخلت اليمن في مرحلة جمود في الصراع بشكل كلي، باستثناء اشتباكات هنا وهناك، وذلك امتدادًا للهدنة التي تم التوقيع عليها في إبريل من العام ذاته.
وذكر أستاذ العلوم السياسية “الطويل” في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز”، “أن العام 2024 لم يشهد تحولات كبيرة، باستثناء معلمين أساسيين: الأول هو تدهور الاقتصاد الوطني وتردي أوضاع المعيشة بالنسبة لعموم المواطنين في مناطق الحكومة وفي مناطق سيطرة الحوثيين، وانهيار العملة الوطنية، خاصة في مناطق السلطة الشرعية”.
وأشار إلى أن الانهيار الاقتصادي سواء في مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أو في مناطق سيطرة الحوثيين المصنفة إرهابية، هو المعلم الأبرز للعام 2024. لذلك زادت معاناة المواطنين بشكل كبير، واتسعت مستويات الفقر بطبيعة الحال والبطالة ومؤشرات البؤس بشكل عام في مستوى المعيشة لغالبية المواطنين.
وأضاف الطويل أن المعلم الثاني الأساسي هو أحداث البحر الأحمر بناء على “طوفان الأقصى” الذي انطلق في 7 أكتوبر 2023، وهذا يمثل واحدًا من أهم التحولات في عام 2024، حيث أن هذه الهجمات وضعت اليمن على أولويات الاهتمام العالمي وأصبح الحضور العسكري أكبر في المنطقة.
ولفت إلى أن هذه الأحداث والهجمات غيرت السياسات الدولية تجاه الصراع في اليمن، وأحدثت تحولًا طفيفًا في السياسة الأمريكية والأوروبية، واتُخذت كمبرر لتجميد مسار التسوية السياسية من قبل الأطراف المعنية أو القائمة على ذلك، فتم تأجيل وترحيل وتجميد مشاورات التسوية السياسية، والتي كان يفترض أن يتم تدشينها في بداية عام 2024.
وفي سياق أحداث العام 2024 في اليمن، أضاف الدكتور الطويل حدثًا ثالثًا كان مرتبطًا بقرارات البنك المركزي في مدينة عدن (عاصمة اليمن المؤقتة)، وهو قرار سحب الترخيص عن بعض البنوك الرئيسية الخاضعة لسيطرة الحوثيين في العاصمة صنعاء.
وقال: “إن هذا القرار كان سيدفع إلى حالة حرب أو تجديد حالة الحرب بين السلطة الشرعية والحوثيين، لكن ضغوطًا إقليمية ودولية أجبرت السلطة الشرعية على التراجع عن هذه القرارات، مما ترتب عليه خيبات أمل واسعة لدى الحاضنة الشعبية للسلطة الشرعية”.
استمرار الهدنة
وعن 2025 قال الطويل إن “ثمة معطيات تشير إلى إمكانية حدوث تحول عسكري، فهناك استعدادات متتابعة لعمل عسكري، ورغبة دولية ربما لم تكن متوفرة في السابق، لتجديد الحرب لكسر الحوثيين، لأن بعض الأطراف الدولية ترى أن الحوثي تعدى سقوفًا وحدودًا معينة غير مسموح له بتعديها، إلا أن هناك نوعًا من الممانعة من قبل السعودية”.
وأضاف: أعتقد أن هناك مفاوضات تتم بين السعودية والولايات المتحدة، وإذا ما تم منح السعوديين شراكة أمنية كاملة من قبل واشنطن، فإن شروط الحرب ومعطياتها ستكون أكبر وبمسار آخر، وإن كانت فرصه أقل في أن تتجدد المعارك العسكرية.
وتابع: “إذا ما تجددت المعارك العسكرية، من الواضح أنه سيحدث انكسار جزئي أو كلي بالنسبة للحوثيين، يعتمد هذا الأمر بدرجة أساسية على السياسة السعودية وعلى نوعية التفاهمات بينها وبين الأمريكان من عدمه”.
واختتم أستاذ العلوم السياسية الطويل حديثه مع “يمن ديلي نيوز” قائلاً: “لا أفق واضح للسلام في اليمن في عام 2025، وسيظل هناك شباك بين خيارات الحرب وتجددها وخيارات التسوية وجمود الملف بالنحو الذي هو قائم الآن”.
وأشار إلى أن السياسة السعودية هي التي ستقرر أيًا من الخيارين، هل سيتجدد الحرب ويكون وينبني عليها تحولات متوسطة أو واسعة، أو أن الأمور تبقى مراوحة وسلام غير ممكن تهدئته، ولا تتوفر كل شروطه، وبالتالي تستمر معاناة المواطنين.
مرتبط
الوسوم
توقعات احداث 2025 في اليمن
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، استنادًا إلى تقديرات أمنية، بأن العمليات العسكرية الأخيرة التي استه
صنعاء تحترق : الضربات الدولية تكشف مصير الحوثيين وتعيد رسم خارطة دولة الجنوب اليوم، شاهدنا كيف اجتا
عاجل : وزير الدفاع يفاجئ الجميع بهذا الرد على القصف الإسرائيلي على العاصمة صنعاء وباقي المحافظات
أفادت مصادر محلية في العاصمة المختطفة صنعاء، بوجود أزمة مشتقات نفطية وغاز منزلي بالمدينة، تسببت بها
الاستخبارات العسكرية في تعز تطيح بشبكة تهريب عملات أجنبية إلى مناطق سيطرة الحوثيين
سقط قتلى وجرحى جراء غارات إسرائيلية اليوم الجمعة، استهدف مواقع ومنشآت مدنية في صنعاء وموانئ الحديدة
على وقع هجمات مكثفة بالطيران المسيّر والمدافع تشنه جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب للي