في العام الأول من التحاقي بالمدرسة الصف الأول الابتدائي، وبعد حوالي شهرين من الدراسة كانت أحب إليٌ من كل الحلويات والفواكه والعصائر واللعب، بسبب طريقة التدريس الجميلة والجذابة والشيقة التي يعتمدها المعلم السوداني “جمعة”.
وفي إحدى الأيام جئت قبل موعد الطابور الصباحي بأكثر من نصف ساعة ووجدت شباب من أبناء قريتي وجلست أستمع إلى كلامهم وهم يتحدثون عن كسل وغباء الشعب السوداني وعدم احساسه بالمسئولية تجاه بلده وكلام كثبر ينتقص من الشعب السوداني.
انتهى الوقت سريعا وأنا استمع إليهم وفي اعتقادي أني سأحفظ كلامهم وسأصبح مثلهم أجيد التحدث فيما زملائي يستمعون لي بإعجاب ودهشة.
كالمعتاد انضممت إلى صفوف الطابور والقيام بالتمارين المطلوبة ثم الاصغاء إلى الإذاعة المدرسية، ودخول الصف المخصص لنا تلاميذ الصف الأول الابتدائي، وأنا اشتعل طاقة مستعجل متى يحين موعد الراحة.
أنتهت حصص النصف الأول من اليوم ودق جرس الراحة، غادرنا الصف وأنا جمعت عدة زملاء من نفس الصف وجلست أسرد لهم ما سمعته من الشباب، ولم انتبه من نشوة الكلام إلا والمعلم “جمعة” يقف خلفي وهو ممتعض متي للغاية.
أرتبكت منه وانتهت الراحة ودخلنا الصف وكانت المفاجئة بأن تحول أسلوب المعلم “جمعة” الرائع والمحبب إلى نفسي تحول إلى جحيم معي أنا فقط، وخلال ساعتين من الدراسة شعر أني بلغت من العمر خمسين سنة.
وتوالت الأيام والمعلم ” جمعة” لا يمر يوم دون تحطيم عدة أعصية على ظهري وفوق رأسي ويدي وهو يحوم حولي كصوفي يؤدي رقصة الطير المذبوح.
كنت قد حفظت من القرآن قبل إلتحاقي بالمدرسة من الفاتحة إلى سورة “يس”، وفي أحد الأيام كانت حصة القرآن الكريم الدرس سورة الكافرون، وبعد أنا قرأها أمرنب بالقراءة من الكتاب وهو يحوم حولي والعصا تسقط على رأسي حتى صرت كأني لا أمسك كتابا ولا أجيد القراءة ولا أحفظ شيء.
كان يهوي بالعصا على ظهري ورأسي وصرت أردد “لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد” وأكررها طوال دقائق وهو يصيح خلاص يا زول خلاص يا زول وانغجر ضاحكا والتلاميذ معه، لأني صرت مثل “هون” السيارة لما يعلق.
لم أستوعب الموقف وهو يضحك ولم أتمالك نفسي جراء ما حدث فقفزت خارج الصف وألتقط أحجار صغيرة وأنهال عليه رجما، طاردا طوال ساحة المدرسة وكان يوم عصيب بحق.
تركت الكيس الذي أحمل فيه الدفاتر والكتب وعدت نحو البيت ولم أكن أعلم أن “والدي لروحه السلام والخلود” كان قريبا من المدرسة وعرف كل شيء، وحتى عند عودته لم يناقشني بالموضوع أبدا.
صباح اليوم التالي لمحني وأنا أحاول التسلل للاختفاء خلف البيت ونادى بي يا نبيل لا تروح المدرسة اليوم أشتيك تساعدنا بعمل وبكرة سأكلم الأستاذ “جمعة” عشان ما يعاقبك، تجمدت مكاني وعدت وفي قرارة نفسي أن عقاب كبير سيطالني جراء ما عملت.
أمسكني “أبي لروحه السلام وعليه السلام” برفق من يدي ومشينا قليلا ثم بدأ يحدثني على السودان وشعب السودان بكلام جميل وطيب، فأحسست أنه عرف كل شيء ودون أن يترك لي فرصة للاعتذار أو التوضيح، وبإبتسامة نزلت في قلبي بردا وسلاما منحني الأمان طالبا مني ألا أكرر ما حدث.
وفي اليوم التالي اصطحبني إلى المدرسة وسلمني للمعلم “جمعة” والذي قابلني بابتسامة وحضن أبوي واعتذار عن كل القسوة معي وأن ما حدث كان من إجلي وحتى لا أتعود على الكلام فيما ليس لي به حق، وعاد حبي وشغفي للدراسة أكبر وأكبر.
شكرا معلمي السوداني “جمعة” وعليك السلام ولروحك السلام حيا وميتا..
“والدي الراحل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولروحكم السلام والرحمة”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
عاجل : رسمياً ...اسرائيل تعلن مقتل عدد من القيادات الحوثية بالغارات الاخيرة "اسماء"
أعتبرت مصادر قبلية بمديرية رداع التابعة لمحافظة البيضاء أن إصرار ميلشيا الحوثي على مواصلة انتهاكا
اختفى رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مهدي المشاط، منذ أيام، بالتزامن
عاجل : حكومة صنعاء تفاجئ الجميع وتعلن قبل قليل عن مقتل واصابة اكثر من 80 شخص "بيان"
فرضت السلطات السعودية اشتراطات صحية جديدة للسماح بدخول المسافرين اليمنيين الراغبين بالزيارة أو ال
السعودية توجه صفعة قوية للمقيمين ... إيقاف تجديد إقامة هذه الجنسية وترحيلهم فورًا من المملكة!
قالت مصادر قبلية، إن تعزيزات عسكرية حوثية كبيرة وصلت خلال الساعات القليلة الماضية، إلى مدينة رداع قا
فرضت السلطات السعودية اشتراطات صحية جديدة للسماح بدخول المسافرين اليمنيين الراغبين بالزيارة