(عدن توداي)
بقلم / نجيب الكمالي
الوقت الذي تشتد فيه أزمات الوطن، لاسيما غياب مؤسسات الدولة، ويزداد الغموض واللامبالاة وتكثر. الاجتهادات عند البعض ، ويكثر الرجم بالغيب عند الاخر ، نقف على تطلعات هنا وآمال هناك نلملم فيها جراحنا، حيث لا تكاد تمر سنة دون أن نتحدث فيها عن أزمة اقتصادية أو سياسية، وكأنه كُتب على هذا الوطن ألا يلتقط أنفاسه وألا يستريح استراحة محارب.
أيا كان الأمر، فإن صياغة العمل لتجاوز المراحل وصعوباتها أمر يحتاج إلى رجال يقدرون طبيعة الظروف ويحتكمون إلى ما تقتضيه طبيعة الأشياء، حتى لا يكون التسرع والارتجال حاضرين عند اتخاذ القرار.
وعند الحديث عن غياب مؤسسات الدولة لتقوم بدورها الإيجابي في تخفيف معاناة الناس، تجدها فارغة المحتوى. بعيدة المنال استثناء البعض وزارة الأوقاف والإرشاد تقدم درسًا مهمًا بقيادة فضيلة الشيخ الدكتور محمد عيضة شبيبة كنموذجًا رائدًا في إعادة تفعيل مؤسسات الدولة.
لقد شكل نقل الوزارة إلى العاصمة المؤقتة عدن في بداية عام 2020 نقطة تحول كبيرة في مسار عملها. قبل ذلك، كانت الوزارة تُدار بشكل افتراضي من خلال وسائل الاتصال، دون وجود مقر فعلي أو بنية تحتية حقيقية داخل عدن، وكانت أنشطتها مقتصرة على إدارة موسم الحج من خلال مكتب شؤون الحجاج في مكة المكرمة لفترة قصيرة من العام، وبعدد محدود من العاملين وبشكل موسمي.
مع انتقال الوزارة إلى عدن، تغير المشهد بالكامل، حيث بدأت الوزارة في بناء هيكل إداري قوي على الأرض، ووضع خطط استراتيجية لتفعيل قطاعاتها المختلفة بشكل دائم، ما انعكس في تحقيق العديد من الإنجازات التي نراها اليوم.
حقيقة، إنجازات ملموسة يحققها الوزير شبيبة ، حيث استطاعت وزارة الأوقاف والإرشاد، رغم غياب الميزانية الحكومية، أن تعتمد على إيراداتها المحلية لتنفيذ مشاريع حيوية.
على رأس هذه المشاريع، إعادة ترميم معهد الإمام البيحاني، الذي أصبح اليوم المقر الرئيسي للوزارة. شهد المبنى عملية تأهيل شاملة، ليصبح مركزا رسميًا للوزارة يضم مكاتب لكافة قطاعاتها، إلى جانب المعهد العالي للتوجيه والإرشاد، الذي أعيد افتتاحه بعد سنوات من التوقف. واليوم يستقطب المعهد الطلاب من مختلف المحافظات لدراسة العلوم الشرعية، ما يُسهم في رفد المجتمع بكوادر علمية مؤهلة تعمل على نشر قيم الوسطية والاعتدال.
لم تقتصر الإنجازات على الترميم فقط، بل تم تجهيز المبنى وتأثيثه بالكامل على نفقة الوزارة، كما تم إعادة تقسيمه وهيكلته ليستوعب كافة القطاعات والإدارات العامة، ما أدى إلى تحسين الأداء المؤسسي وتوسيع نطاق الخدمات التي تقدمها الوزارة.
لقد أصبح قطاع الحج والعمرة نموذجًا في الكفاءة والتميز، وتحولات كبيرة تشهدها الوزارة، يشيد بها العدو قبل الصديق.
رغم الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد، نظمت الوزارة خدمات مميزة في الحج والعمرة، وهو ما لم تتمكن من تحقيقه حتى بعض الدول المستقرة.
وتأتي هذه الإنجازات بفضل جهود قيادة وكوادر الوزارة، وفي مقدمتهم الدكتور محمد عيضة شبيبة. فالحكمة والخبرة والجرأة الممزوجة بالكفاءة التي يتحلى بها الدكتور شبيبة جعلت قراراته في خدمة الناس، وخاصة الحجاج والمعتمرين.
إضافة إلى ذلك، حققت الوزارة إنجازات ملموسة في تخريج مئات الحُفَّاظ من مختلف المحافظات، كما شارك العديد من الحُفَّاظ في مسابقات دولية، وحققوا مراكز متقدمة، ما يُبرز المستوى المتقدم لحُفَّاظ اليمن رغم الظروف الصعبة.
تحقيق هذه النتائج لم يكن وليد الصدفة، بل كان ثمرة جهود الوزارة في تفعيل المدارس والمعاهد القرآنية، وتوفير الدعم اللازم لها، إلى جانب الإشراف المباشر على برامج التحفيظ التي تنتشر في جميع أنحاء الجمهورية.
كذلك، يلعب قطاع الإرشاد في الوزارة دورًا محوريًا في نشر ثقافة التسامح والاعتدال، من خلال توجيه المرشدين للعمل على تعزيز الوحدة الوطنية ومواجهة الأفكار المتطرفة.
أطلقت الوزارة مؤخرًا مشروع إنشاء أكاديمية متخصصة لتأهيل المرشدين والموجهين، بهدف رفع كفاءتهم العلمية والإدارية، ومن المتوقع أن تكون لهذه الأكاديمية نتائج إيجابية خلال الفترة المقبلة.
قطاع الإرشاد لا يقتصر على الجانب التوعوي فحسب، بل يشارك بشكل فعّال في مختلف الأنشطة المجتمعية، ويوجه رسائل توعوية من خلال الخطب والمحاضرات، لتعزيز قيم التعايش السلمي في المجتمع ونبذ العصبية.
تقدم تجربة وزارة الأوقاف والإرشاد درسًا مهمًا لكافة مؤسسات الدولة، مجسدة بإدارتها الناجحة بروح الفريق الواحد تحت قيادة ربان سفينة الأوقاف الدكتور محمد شيبة، الذي استطاع أن يبرز الوزارة بهذه الصورة.
لهذا، ندعو كافة مؤسسات الدولة إلى أن تحذو حذو وزارة الأوقاف والإرشاد، من خلال تفعيل عملها المؤسسي، لما لذلك من أثر كبير في تعزيز وجود الدولة وفرض سلطة القانون ومواجهة التحديات الراهنة.
ولا يكتفي الوزير شبيبة بالإنجازات على المستوى الداخلي، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، بكل ما استطاع من قوة، من أجل تأهيل الدعاة والخطباء والأئمة، وإعداد برامج وخطط من خلال التنسيق والتعاون بين وزارة الأوقاف والمؤسسات الإسلامية.
كان آخرها توقيع بروتوكول التعاون بين بلادنا والأزهر الشريف، والذي استطاع من خلاله الحصول على عدد من المنح الدراسية العليا والجامعية للطلاب اليمنيين، يتم ترشيحهم من وزارة الأوقاف، إلى جانب تبادل المناهج والخبرات والبرامج العلمية.
شارك هذا الموضوع:
Tweet
المزيد
Telegram
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news