كان المطر يهطل بقوة على منطقة المواصي جنوبي غزة.. وأم غزية تحاول ترقيع الخيمة، التي مزقتها الريح، بورق مقوى.
ظنت أنها سمعت صوت طفلها من داخل الخيمة، فرمت ما بيدها وتوجهت إليه.
كان الطفل ذو العشرة أعوام طريح الفراش منذ أيام، محموما بنزلة برد.
وعندما انحنت عليه، وجدت جسده النحيل يختض مثل غصن شجرة، وفراشه منقوعا كليا بمياه الأمطار.
حملت الطفل، يقول أحمد المصري، زوجها، وخرجت من الخيمة، "لكن إلى أين؟". كان المصري قد خرج يبحث عن حفنة طحين عندما أوشك الصبي على الموت.
عائلة المصري نازحة من شمالي غزة منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس في أوائل أكتوبر 2023.
وبعد محطات نزوح عديدة، انتهى بهم المطاف في المواصي بخان يونس.
كما هو الحال مع أكثر من مليون فلسطيني، جرّدهم النزوح والقصف الإسرائيلي المتواصل من كل شيء. وها قد بادرهم الشتاء بمنخفض جوي، وهم مثل كثيرين: لا مأوى، ولا ثياب شتوية ولا أغطية.
قضى البرد على 8 أطفال رضع في غزة هذا الشتاء بسبب انخفاض حرارة أجسامهم، وفق منظمة الهجرة الدولية التابعة للأممي المتحدة.
وقدرت المنظمة أن نحو مليون غزي "بحاجة ماسة للمساعدات لمواجهة فصل الشتاء، بما في ذلك الملابس الحرارية والبطانيات والأقمشة المشمعة لعزل الملاجئ عن المطر والبرد".
وتوقعت تقارير دولية حصول كوارث صحية في غزة خلال فصل الشتاء، خصوصا في المناطق "المعرضة للفيضانات".
وفي سبتمبر الماضي، حذرت منظمات أممية من أن "العديد من مواقع النازحين (في غزة) تقع في مناطق الفيضانات أو بالقرب منها، وأن مواقع إضافية معرضة للفيضانات في الوقت الحاضر".
أم عبدالله (51 سنة)، وزوجها وأطفالهما الـ9 يعيشون في خيمة صغيرة رثة قرب شاطئ البحر في المواصي، وينامون على فرش إسفنجية مغمسة بالماء والطين.
تقول إنها تحتضن أطفالها بقوة أثناء الليل، على أمل أن يصيبهم شيء من الدفء.
تؤكد أم عبد الله، التي نزحت مع أسرتها 4 مرات منذ بدء الحرب، أن زوجها بحاجة ماسة لعملية في القلب، وفشلت كل محاولاتهم لإخراجه من قطاع غزة لإجراء العملية وإنقاذ حياته.
"الطعام قليل جدا، خاصة الطحين، وإذا توفرت الأشياء، فأسعارها عالية تفوق قدرتنا. ما معنا شي"، تضيف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news