قال اقتصاديون يمنيون إن
الضربات الإسرائيلية
باتجاه المرافق الخدمية في
اليمن
، تخدم
جماعة الحوثيين
أكثر مما تضرهم، وتخلق لهم الذرائع للتنصل من التزاماتهم تجاه المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتهم، علاوةً عن كونها تُضاعف حجمَ معاناة الشعب الاقتصادية وتفاقم سوء معيشتهم.
وتركزت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق نفوذ جماعة الحوثي، على بُنى تحتية ومنشآت مدنية حيوية ومرافق خدمية، في كلٍّ من صنعاء شمالًا والحديدة غربًا، فيما تظل المعاقل العسكرية للجماعة في مأمن ومنأى عن صواريخ وقاذفات المقاتلات الإسرائيلية.
ومع تصاعد هجمات جماعة الحوثيين مؤخرًا باتجاه إسرائيل، ارتفعت نبرة التهديدات الإسرائيلية بقصف البنى التحتية اليمنية في المناطق الخاضعة لهم.
•
الهجمات تضاعف الوضع الإنساني
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن مصطفى نصر، يقول إن: "استهداف المنشآت المدنية والخدمية والبنية التحتية، في الحقيقة لا يؤثر في جماعة الحوثي، وإنما يؤثر بصورة مباشرة في مواطِني اليمن، ويفاقم الوضع الإنساني والمعيشي الذي يعانيه معظم سكان اليمن".
وذكر نصر، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن: "استهداف المنشآت المدنية والخدمية وتدمير البنية التحتية، هي جرائم ترتكب بحق الشعب اليمني، تُضاف إلى جرائم التدمير الممنهجة التي مارستها ميليشيا الحوثي بحق اليمن خلال سنوات الحرب".
وأوضح: "أي استهداف لِمنشآت مدنية وخدمية، لا يؤثر في جماعة الحوثي، بل يساعدها على مزيد من الحشد في أوساط القبائل، ويعطيها الشرعية بأنها تواجه حربًا مباشرة مع إسرائيل وأمريكا".
•
الهجمات تخلق المبررات للحوثيين
ولفت نصر، إلى أن "جماعة الحوثي، تواجه ضغوطًا متزايدة للالتزام بواجباتها باعتبارها سلطة أمر واقع في مناطق نفوذها، من أجل توفير الخدمات وتسليم المرتبات والكشف عن الإيرادات التي يتم جبايتها دون أن تنفق على المواطنين، إلا أن استهداف المنشآت المدنية والخدمية، يجعلها تجد المبرر لعدم الالتزام بذلك".
في غضون ذلك، كشفت مصادر يمنية مُطلعة، لـ"إرم نيوز"، عن أن خسائر اقتصادية جسيمة تتجرعها الدولة اليمنية إزاء الضربات الإسرائيلية، إذ بلغت كُلفة الخسائر نحو 3 مليارات دولار أمريكي، نجمت فقط عن الضربتين الإسرائيليتين على محافظة الحديدة شمالي غرب البلاد في الـ20 من يوليو/تموز، والـ29 من سبتمبر/ أيلول.
فيما أعلنت جماعة الحوثي، عبر مؤسسة موانئ البحر الأحمر التي تُشرف على تشغيل ميناء الحديدة، في مؤتمر صحفي عقدته السبت الماضي، عن الخسائر المادية التي تعرض لها الميناء الرئيس في المحافظة، جراء الغارات الإسرائيلية الثلاث على الحديدة، بإجمالي خسائر قُدّرت بنحو 313 مليون دولار أمريكي.
•
تدمير الأصول الاقتصادية
بدوره، يقول الباحث والمحلل الاقتصادي وحيد الفودعي إن "اليمن يشهد انعكاسات اقتصادية ومعيشية متفاقمة، جراء الغارات الجوية التي استهدفت المنشآت المدنية والمؤسسات الخدمية والبنى التحتية".
ولفت الفودعي، إلى أن "استهداف المنشآت المدنية والبنية التحتية، يؤدي إلى تدمير الأصول الاقتصادية الحيوية، مثل: الطرق، والموانئ، وشبكات الطاقة، والمؤسسات الإنتاجية"، مُبيّنًا، أن: "هذه الأضرار تؤدي إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية بشكل كبير؛ ما ينعكس على انكماش الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع تكاليف إعادة الإعمار، إلى جانب تفاقم معدلات البطالة والفقر".
وأضاف، لـ"إرم نيوز": "أن تدمير البنية التحتية يؤدي إلى تعطيل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، والمياه، والرعاية الصحية؛ ما يجعل حياة المواطنين أكثر صعوبة"، متابعًا: أنه "بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الانقطاع في الإمدادات والنقل إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية؛ ما يفاقم الأوضاع المعيشية للسكان الذين يعانون أصلاً أزمةً إنسانيةً خانقةً".
وأكد الفودعي، أن "استهداف البنية التحتية والمنشآت المدنية في أي نزاع، لا يؤدي سوى إلى تعميق الأزمات الإنسانية والاقتصادية، ويزيد معاناة المواطنين، خاصة في بلد مثل اليمن الذي يواجه بالفعل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم".
وتكشف الكثير من التقارير عن اعتماد ميليشيا الحوثيين على مصادر أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها للحصول على العائدات المالية لرفد مخزونها الاقتصادي وتمويل مجهودها الحربي، التي لن تتأثر كثيرًا باستهداف البُنى التحتية، كما يُعلن الإسرائيليون.
•
الاعتماد على اقتصاد الحرب
إزاء ذلك، قال المحلل الاقتصادي وحيد الفودعي: "بينما قد يكون الهدف المعلن من الاستهداف هو الضغط على ميليشيا الحوثيين، إلا أن الضرر الأكبر يقع على المدنيين والبنية الاقتصادية الوطنية"، موضحًا: "أن ميليشيا الحوثيين تعتمد على مصادر تمويل غير رسمية، مثل: الجمارك والضرائب المحلية، التي قد تستمر بغض النظر عن الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية المدنية، وبالتالي، فإن هذا النوع من الاستهدافات، قد يعمّق معاناة المدنيين دون أن يُضعف بالضرورة النفوذ الحوثي".
من جهته، يُشير الصحفي والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري، إلى أن الاستهدافات الإسرائيلية لها تأثيرات اقتصادية محدودة جدًّا على ميليشيا الحوثيين لأسباب عديدة، منها أن الميليشيات تعتمد على اقتصاد الحرب في تمويلها ماليًّا؛ أي مصادر تمويل سرية غير مشروعة، كالأسواق السوداء والمضاربة بالعملة والتجارة الممنوعة وتهريب وغسل الأموال وتجارة المخدرات والممنوعات إلى دول الجوار".
وفي سرده لمحدوية تأثير الضربات على ميليشيا الحوثيين، يشير الداعري في حديثه لـ"إرم نيوز"، "إلى الجبايات المختلفة والجمارك والضرائب المضاعفة واحتكار استيراد وتجارة المشتقات النفطية والغاز، وغيرها من أنشطة الحرب لتحقيق الملايين يوميًّا من الأموال، وفوارق بالمليارات أسبوعيًّا من تلك الأنشطة التجارية التي تنشط فيها الميليشيات بشكل رئيس، لتمويل صرفيات ومرتبات مقاتليها ودعم أنشطتها العسكرية وتمويل حروبها وتطوير قدراتها التسليحية المختلفة".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news