طفل في السابعة من عمره نجا قبل سنوات طوال، وتحديدا عام 1982، من مجزرة حماة غربي سوريا.. لكن قائد جيش النظام السوري حينها، الذي قتلت قواته عشرات الآلاف، لم يكن يدرك أن هذا الطفل سيجعله يهرب من أوروبا لسنوات، ثم يطارده في سوريا بعد سقوط النظام في الثامن من ديسمبر الجاري.
في فبراير من عام 1982، دخلت قوات النظام السوري مدينة حماة بعد حصارها لأيام، وقاد رفعت الأسد، عمليات القمع ضد تمرد تقوده جماعة الإخوان المسلمين بصفته رئيسا لـ "سرايا الدفاع"، وهي قوات خاصة مسلحة تابعة للسلطات.
إثر هذه العملية.. التصق لقب "جزّار حماة" برفعت الأسد.. وفي مارس من العام الجاري، أصدر مكتب المدعي العام السويسري اتهامات ضده بـ "إصدار الأوامر بارتكاب جرائم قتل، وأعمال تعذيب، ومعاملة وحشية، واحتجازات غير قانونية".
خلف هذه القضية هو خالد الخاني، الذي نجا من المذبحة طفلا، وأصبح رجلا يُعرف بإصراره على ملاحقة من اغتصب حقه وسكان حماة.
روى الخاني لموقع "الحرة" تفاصيل المجزرة، وما واجهه وأسرته في سوريا على مدار سنوات، قبل الخروج إلى فرنسا وإقامة دعوى قضائية ضد الرجل الذي قاد عمليات قتل، طالت والده (الخاني) في حماة.
ولعل واحدة من أكثر الأمور إثارة للدهشة في قصة الخاني، هو أن "جزار حماة" أصبح جاره في إحدى ضواحي باريس.
وعاد الخاني بذاكرته إلى الوراء ليحكي قصته، قائلا: "خلال تلك الفترة (عند وقوع المجزرة) كان عمري 7 سنوات. حضرت كل هذه المآسي، حيث كنا بحي البارودية الجميل، الذي دُمر بالطبع وتمت تسويته بالأرض. قصفوا منزلنا واضطررنا للنزوح من منزل إلى آخر ثم خرجنا من الحي بأكمله، وكانت الطرقات مليئة بالجثث".
كانت هذه آخر مرة يرى فيها الخاني والده، حيث طُلب منه الهروب مع والدته وإخوته ليبقى والده مع عمته المسنّة، فيما انتشر القناصة في الطرقات، مما اضطرهم "للهرب من موقع إلى آخر زحفا".
حينها وصل الخاني مع أسرته إلى ملجأ في المدينة يحتمي به الناس وظلوا لعدة أيام، قبل أن يقتحم الجيش المكان ويحاصرهم 7 أيام "بلا طعام أو مياه، ووسط تهديات بالقتل، قبل أن يطلقوا سراحنا باتجاه الريف".
مرت السنوات وانطلقت الثورة ضد بشار الأسد، وكان عمه رفعت، الشقيق الأصغر لحافظ الأسد، خارج البلاد.
كان الخاني من المشاركين في الثورة السورية منذ بدايتها، لكنه قال: "أنا فنان تشكيلي لا أملك دبابة ولا سلاح.. الثقافة واللوحات مهنتي، لكنني بدأت النشر عن الثورة وعن مجزرة حماة، التي لم يكن يعرفها كثيرون حينها".
وتابع: "وصلتني تهديدات وطلبوا (قوات الأمن بنظام الأسد) مقابلتي، لكن قلت أعيدوا لي أبي أولا كمطلب تعجيزي، ثم بدأت عمليات البحث عني وملاحقتي قبل الهرب إلى ألمانيا ثم فرنسا".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news