شمسان بوست / متابعات:
نظراً للقيود الصارمة التي فرضتها الحكومة اليمنية على التحويلات البنكية لوقف تدفق العملة الصعبة إلى خارج البلاد، والتي تؤثر سلباً على قيمة العملة الوطنية، ظهرت اساليب جديدة تمكن بعض الصرافين ومهربي العملة من تجاوز هذه الإجراءات وتحقيق هدفهم في إخراج العملة الصعبة من البلاد، لكن بطرق ملتوية تهدد الاقتصاد الوطني وتؤثر بشكل مباشر على اسعار الصرف.
فخلال السنوات الماضية، قام بعض هؤلاء المهربين بضخ الاموال المراد تهريبها في سوق الخردة، مما أدى إلى تشكّل سوق كبير لتهريب العملة الصعبة تحت مسمى “تصدير الخردة”، وبالتحديد الحديد والنحاس والبلاستيك والالمنيوم وحتى البطاريات.
يتواصل هؤلاء مع بعض تجار الخردة المحليين، حيث يتم تقديم مبالغ ضخمة بغرض شراء الخردة المحلية والمضاربة في أسعارها. تقوم هذه المجموعات من التجار برفع الأسعار إلى مستويات قياسية عن طريق شراء كميات كبيرة من الخردة خاصة الحديد والنحاس.
بعد شراء الخردة، يتم تصديرها إلى دول مثل الهند وباكستان، حيث يُباع النحاس والحديد وانواع الخردة الاخرى، وذلك بدلاً من استثمار واعادة تدوير هذه المواد محلياً لتلبية احتياجات المواطنين.
ويتم إرسال الاموال التي تُحقق من عمليات البيع في الهند وباكستان إلى حسابات مصرفية في دول أخرى، حيث لا تعود هذه الأموال إلى اليمن، بل تُحوّل إلى وجهات متعددة، مما يسهم في تجفيف احتياطي البلاد من العملة الصعبة.
هذه العملية ليست مجرد تجارة خردة؛ بل هي منظومة متكاملة تهدف إلى تهريب الأموال للخارج عن طريق تصدير الخردة، ما يجعل اليمن يفقد شهرياً مبالغ ضخمة من العملة الصعبة، في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد إلى كل دولار لدعم العملة الوطنية.
وقد ساهمت هذه الممارسات في زيادة معاناة المواطن وتدهور الاقتصاد اليمني، حيث وصل سعر الدولار مؤخراً إلى أكثر من 2040 ريالاً يمنيًا، مما انعكس سلباً على أسعار السلع الأساسية وزاد من معاناة المواطن العادي.
وفقًا لتقديرات اقتصادية، فإن تصدير هذه المواد يكلّف اليمن ما يقارب مليار ونصف المليار دولار سنويًا من العملة الصعبة التي تخرج ولا تعود، مما يؤدي إلى فقدان البلاد لموارد ثمينة يحتاجها الاقتصاد المحلي.
هذه الأموال التي تُخرج من البلاد بهدف تهريب العملة تؤدي بشكل مباشر إلى انخفاض قيمة الريال اليمني.
هذه الأزمة تسهم في زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يزيد من معاناة المواطن العادي.كما يخلق المضاربة على اسعار الخردة محليا ضغطًا على المصانع المحلية التي تعتمد على هذه المواد كمدخلات أساسية للإنتاج، ويجعل أسعارها غير متاحة للتصنيع
المحلي.
م
شكلة تصدير النحاس:
كما تمثل ظاهرة تصدير خردة النحاس كارثة إضافية، حيث يُعرف أن النحاس يُسرق من البنية التحتية الوطنية مثل كابلات أعمدة الإنارة وخطوط الكهرباء وحتى منازل المغتربين والمباني تحت الإنشاء. يتم سرقة هذه الكابلات، ثم حرقها وكبسها وتحويلها إلى خردة تُصدر للخارج. هذه الممارسات تسبب تدميرًا للبنية التحتية، وقد تم اكتشاف حاويات محملة بكميات كبيرة من الكابلات المسروقة من شبكات الدولة، مما يؤدي إلى انقطاعات كهربائية متكررة ويزيد من تدهور الخدمات العامة.
أضف إلى ذلك أن إعادة استيراد النحاس والكابلات مكلف للغاية، حيث يُفقد اليمن موارد أساسية كانت تستخدم في عمليات البناء والخدمات العامة، بينما يضطر إلى دفع أسعار مرتفعة لاستيراد بدائلها.
م
نع تصدير الخردة عالميا:
تصدير الخردة يعتبر محظورًا في معظم دول العالم لما يسببه من أضرار بالاقتصاد الوطني، ويشمل هذا الحظر معظم الدول العربية، مثل السعودية، عمان، ومصر، التي تدرك أن تصدير هذه المواد الحيوية يؤدي إلى استنزاف مواردها. حتى الدول التي تشتري الخردة، مثل الهند وباكستان، تُجرم تصدير الخردة وتعتبره جريمة قانونية للحفاظ على ثرواتها الصناعية والاقتصادية.
قرارات الدولة لمنع تصدير الخردة:
في اليمن، أصدرت الدولة سابقًا قرارات سيادية في أوائل الألفينيات لمنع تصدير الخردة من المنافذ اليمنية،
ومع تدهور سعر الصرف إلى مستويات غير مسبوقة، مما تسبب في استنزاف العملة الصعبة، أصدر رئيس الدولة رشاد العليمي قرارات بمنع تصدير الخردة بكافة أنواعها. وتبعه رئيس الوزراء بن مبارك ووزير المالية سالم بن بريك، اللذان أصدرا تعاميم وتوجيهات مشددة للمنافذ في أكتوبر 2024 لمنع تصدير الخردة. وقد أشاد خبراء الاقتصاد بهذه الخطوة لما تحققه من تخفيف للضغط الاقتصادي وتخفيف معاناة المواطنين.
وننبه الدولة وجميع جهات الاختصاص بما فيها القضاء بالتصدي بحزم لايقاف محاولات الالتفاف على قرارات منع التصدير وذلك لحماية الاقتصاد الوطني ووقف نزيف العملة الصعبة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news