يمن إيكو|تقرير:
فيما يعتقد البعض من أبناء محافظة حضرموت بأن هدف الوجود الإماراتي والسعودي مساعدة اليمنيين، حذر تقرير دولي من أن تفاقم صراع الأجندة السعودية الإماراتية في محافظة حضرموت، قد يفتت النسيج الاجتماعي والقبلي لهذه المحافظة النفطية، مؤكداً أن الخلاف السعودي الإماراتي وضع المحافظة على مفترق طرق، في إشارة إلى تصاعد الخلافات بين حلف قبائل حضرموت والمجلس الرئاسي اليمني وحكومته.
وقال تقرير صادر عن مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي الأمريكية نشرته المؤسسة على موقعها الإلكتروني ورصده وترجمه موقع “يمن إيكو”: “إن التنافس بين السعودية والإمارات على محافظة حضرموت اليمنية له تأثير على الحدود الداخلية للمنطقة، ويعزز الانقسامات بين مناطق النفوذ السعودي على داخل المحافظة والإماراتي على الساحل”، محذراً من أن استمرار الصراع على السلطة بين الانتقالي المدعوم من الإمارات والحكومة المدعومة من السعودية، سيضعف استقرار محافظة حضرموت ويؤدي إلى مزيد من التشرذم.
وأشار تقرير كارنيغي- الذي أعدته شبكة الأبحاث المحلية ضمن برنامج ممول من قبل هيئة التنمية الدولية التابعة للحكومة البريطانية- إلى استضافة الرياض في أكتوبر 2024، محادثات لإحياء المجلس الوطني لحضرموت، وهو هيئة تضم شخصيات سياسية وقبلية من المحافظة تدعمه السعودية، في محاولة لاحتواء نفوذ الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه، مؤكداً أن السعوديين لا يريدون أن يروا نفوذهم يتضاءل بسبب الإماراتيين، وتحدي النفوذ السعودي التاريخي على حضرموت.
وحسب التقرير، كان للسعودية تأثير كبير في حضرموت الغنية بالنفط، بحكم الروابط الدينية والثقافية، والحدود المشتركة الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر، وتنقل السكان عبر الحدود، والتجارة، مؤكداً أن السعودية حافظت على علاقات قوية مع النخب والقبائل المحلية في حضرموت من وقت مبكر، خاصة بعد اندماج فرعي القاعدة السعودي واليمني في عام 2009 لتشكيل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي استولى على المكلا، المدينة الساحلية الرئيسية في حضرموت، في أبريل 2015م.
وتاريخياً، تعتبر الرياض حضرموت نقطة وصول إلى بحر العرب مما يسمح لها بتنويع طرق التجارة وتصدير الطاقة وتقليل اعتمادها على مضيق هرمز البحري، مع السماح لها أيضاً بفرض قوتها في المحيط الهندي لاستكمال طموحاتها في النفوذ الإقليمي، غير أن بروز الإمارات كقوة عسكرية بدأت في 2016م في حضرموت عكس تحدياً واضحاً للنفوذ السعودي، خاصة عندما تولت الإمارات أدوار مكافحة الإرهاب والأمن والاستقرار في المكلا، التي كانت تحت النفوذ السعودي.
وأشار التقرير إلى أن الامارات استغلت وجودها في إطار تعاون مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده السعودية، فأنشأت قوات النخبة الحضرمية بحجة إنهاء وجود تنظيم القاعدة، ووسعت من نفوذها على طول ساحل بحر العرب، لتسيطر على موانئ الضبة والشحر، بالإضافة إلى مطار الريان شمال غربي المكلا، وهو ما يعتبره السعوديون جزءاً من مجال أمنهم القومي. حسب التقرير.
وبيّن التقرير أن نهج الإمارات تجاه حضرموت وغيرها من محافظات الجنوب اليمني، يعتمد على استغلال التفتت في مناطق الصراع من خلال الشراكات وشبكات المحسوبية، مثل تلك الموجودة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تم إنشاؤه في مايو 2017م في إطار مساعيها لاستكمال سيطرتها في عدن والحديدة وتعز وشبوة وسقطرى، بهدف حماية مصالحها في المحيط الهندي، وبما يمكنها من السيطرة على حركة موانئ اليمن، لتعزيز المكانة الرائدة لميناء جبل علي الإماراتي.
ولفت التقرير إلى أن الامارات وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف، انخرطت في أنشطة متناقضة على ما يبدو، وتشمل هذه الأسباب دعم الكيانات الانفصالية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي والكيانات غير الانفصالية مثل قوات حضرموت، التي تسعى إلى الحكم الذاتي داخل دولة يمنية، في إشارة إلى الدور الإماراتي في دعم تحالف حضرموت المنادي بحق الحكم الذاتي، على غرار الأصوات التي تشجعها وتدعمها أبو ظبي في محافظتي سقطرى والمهرة.
وتعهد المجلس الانتقالي الجنوبي في أبريل 2020 بتثبيت إدارته الخاصة في جنوب اليمن، بدعم إماراتي، لكنه قوبل برفض نخب حضرموت بمن فيهم المحافظ، لكنه ظل يحاول الحصول على دعم حضرموت فعقد جمعيته الوطنية السادسة في المكلا في مايو 2023م بعد دخول رئيسه وعضو المجلس القيادي الرئاسي اليمني عيدروس الزبيدي إلى المكلا بموكب عسكري كبير، ومقابل خطوات الانتقالي عززت السعودية سياستها لاحتواء تنامي حضوره عبر التركيز على تطوير آلية تسريع لتنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والانتقالي، ودعم تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات في عام 2023م وبناء قوات درع الوطن، التي شكلها رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، ودعمت قرارات الأخير في مسار استبدال المسؤولين الموالين للإمارات.
وأشار التقرير- على سبيل المثال لا الحصر- إلى تغيير العميد فايز منصور التميمي، رئيس المنطقة العسكرية الثانية، التي تضم جنوب حضرموت والمهرة وسقطرى، في أعقاب زيارته لأبو ظبي في يونيو 2023م، كما سعت الرياض إلى التعاون مع شيوخ مؤثرين لمواجهة الشخصيات القبلية المتوسطة المستوى المدعومة إماراتياً، وخصصت 320 مليون دولار كمساعدات تنموية لحضرموت لتوسيع بصمتها الاقتصادية في المحافظة.
وفيما عارض المجلس الانتقالي مراراً وتكراراً نشر “أي قوة عسكرية غير [قوات النخبة الحضرمية]” على ساحل ووادي حضرموت، معتبراً ذلك تهديداً لقوته، دعمت الرياض النشر التدريجي لقوات الأمن الوطني في حضرموت، التي تسلمت معبري العبر والوديعة الحدوديين مع السعودية، وفي أكتوبر سيطرت على طريق عبر شبوة، لتحل محل اللواءين 23 و27 من المنطقة العسكرية الأولى، المتمركزين في مدينة سيئون، محذرة المجلس الانتقالي الجنوبي من أي محاولة للتقدم إلى الوادي، حسب التقرير.
وبين التقرير أن ساحل حضرموت الذي يضم الطريق الساحلي من المصينعة، بالقرب من المهرة، إلى سوفال، بالقرب من شبوة، أصبح معقلاً للإماراتيين وإلى حد أقل المجلس الانتقالي الجنوبي، فيما صارت مناطق الوادي والصحراء الداخلية، بما فيها طريق عبر (الحدود البرية النشطة الوحيدة التي تربط منطقة الوديعة بالمملكة العربية السعودية)، وسيئون، والطريق الشرقي إلى نقطة الحدود اليمنية العمانية في شحن، في مجال النفوذ السعودي.
ونبّه التقرير إلى أن وقوع أي اشتباك مباشر بين القوات المدعومة من السعودية والقوات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي والإمارات في وادي حضرموت، سيفسر من قبل السعودية على أنه هجوم مباشر على المملكة، ما يعني أن الأخيرة ستشن غارات جوية على مواقع المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت إذا حاول التوسع في الوادي، على غرار الضربات الجوية التي شنتها الإمارات ضد القوات الحكومية في نقطة العلم، شرق عدن، في أغسطس 2019م، مشيراً إلى أن الخيارات المتاحة للإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي محدودة مقارنة بالسعودية.
وحذر التقرير من أن أي مواجهة مباشرة بين السعودية والإمارات وشركائهما المحليين ستؤثر بشكل كبير على استقرار محافظة حضرموت وما جاورها، وسيفضي تفتيت الحدود الداخلية للمحافظة إلى تعميق الانقسامات وتعدد الحركات الاجتماعية تحت ضغط حمى الاستقطاب غير الحميد لشرائح المجتمع الحضرمي من قبل أبوظبي والرياض.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news