توفي اليوم الأحد يوسف مصطفى ندا، رجل الأعمال المصري وأحد أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين، عن عمر ناهز 94 عامًا. ترك ندا وراءه إرثًا مثيرًا للجدل يتأرجح بين العمل السياسي، والاقتصادي، والوساطات الدولية، حيث كان شاهدًا وصانعًا لأحداث محورية في العالم الإسلامي والعربي.
الميلاد والنشأة
ولد يوسف ندا في الإسكندرية عام 1931، ونشأ في بيئة شهدت تحولات سياسية واجتماعية كبرى في مصر. انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1947 أثناء دراسته في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، حيث التقى مؤسس الجماعة حسن البنا.
في سن العشرين، شارك في مقاومة الاحتلال البريطاني لمصر، ما وضعه في مواجهة مباشرة مع السلطات.
السجن والملاحقة الأمنية
اعتُقل يوسف ندا في أعقاب حادث المنشية عام 1954، وهي محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر التي اتُّهمت فيها جماعة الإخوان المسلمين. قضى عامين في السجن وفُصل من الجامعة. ومع ذلك، أصر على مواصلة تعليمه، حيث استكمل دراسته وتخرج من كلية الزراعة عام 1959.
الهجرة والعمل التجاري
في عام 1960، هاجر ندا إلى ليبيا بعد تعرضه لضغوط أمنية في مصر. هناك، أسس علاقات قوية مع الملك إدريس السنوسي، والتي أتاحت له الحصول على جواز سفر ليبي، مما ساعده في تنقلاته لاحقًا.
لكن مع انقلاب العقيد معمر القذافي عام 1969، اضطر إلى مغادرة ليبيا، متجهًا إلى اليونان ثم إيطاليا. استقر أخيرًا في مدينة كامبيونا الحدودية بين سويسرا وإيطاليا، حيث بدأ نشاطًا تجاريًا واسع النطاق شمل العديد من الدول مثل أمريكا، والسعودية، ونيجيريا، والنمسا.
بنك التقوى والاتهامات الأمريكية
في عام 1988، أسس يوسف ندا بنك التقوى، الذي ركز على المعاملات المالية الإسلامية. لكن بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وُجهت إليه اتهامات بتمويل الإرهاب من قبل الولايات المتحدة، التي جمدت أصوله وأصول البنك.
خضع لتحقيقات مكثفة من عدة أجهزة أمنية دولية، لكن لم يتم العثور على أدلة تدينه، ما أدى إلى إسقاط الاتهامات عنه رسميًا. رغم ذلك، أبقت الولايات المتحدة اسمه على قوائم الإرهاب.
أدواره السياسية والوساطات الدولية
بصفته المفوض الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، لعب ندا دور الوسيط في أزمات دولية عدة، منها:
الوساطة بين السعودية واليمن، وبين السعودية وإيران.
المساهمة في حل النزاع بين الحكومة الجزائرية وجبهة الإنقاذ.
تقديم وثائق مهمة ساعدت اليمن في نزاعها مع إريتريا حول جزر حنيش.
الأحكام الغيابية والعفو الرئاسي
في عام 2008، أصدرت محكمة عسكرية مصرية حكمًا غيابيًا بسجنه 10 سنوات، بناءً على قرار الرئيس الأسبق حسني مبارك بمحاكمته مع 39 من قيادات الإخوان.
في عام 2012، حصل على عفو رئاسي من الرئيس الراحل محمد مرسي. لكن بعد الانقلاب العسكري في 2013، أدرجته السلطات المصرية مرة أخرى على قوائم الإرهاب.
وفاته وإرثه
برحيل يوسف ندا، تفقد جماعة الإخوان المسلمين إحدى شخصياتها البارزة التي عاشت أحداثًا فارقة، وساهمت في تشكيل مسارات سياسية واقتصادية حاسمة. بقي ندا رمزًا للجدل، حيث امتزجت حياته بالكثير من التحديات والإنجازات التي ستظل مثار نقاش طويل
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news