شهد عام 2024 انهيارًا اقتصاديًا مريعا، وتلاعبا كبيرًا بالأوراق التي تخص الاقتصاد؛ وسجل الريال اليمني تراجعًا غير مسبوق هذا العام في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
ولم يتغير سعر الريال اليمني في مناطق سيطرة الحوثيين كثيرا، ولم تتأثر قيمته بالتقلبات المصرفية التي شهدتها المحافظات التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية؛ إلا أن معاناة المواطنين تضاعفت بشكل كبير بسبب تفاوت سعر الصرف بين المحافظات الشمالية والجنوبية ورسوم التحويل بين العملتين، الجديدة والقديمة، بالإضافة إلى زيادة الجبايات التي تفرضها جماعة الحوثي على التجار والمواطنين بشكل عام.
*استمرار توقف تصدير النفط
ومنذ أواخر 2022 توقفت الصادرات النفطية في كل من شبوة وحضرموت عقب هجمات الحوثيين على موانئ تصدير النفط، ما أدى إلى تجفيف المصادر الحكومية المستدامة من النقد الأجنبي، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الاقتصاد في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
كما أن تحول مسار السفن التجارية من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة، بعد إبلاغ جماعة الحوثي التجار بأن عليهم التعامل رسمياً عبر الحديدة، وإلزامهم على توقيع تعهدات بذلك، في فبراير 2023 كان له دوره السلبي على الاقتصاد وانهيار العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
*استمرار هجمات البحر الأحمر
وقد أثرت أزمة البحر الأحمر، التي بدأت بشن جماعة الحوثي" هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، سلبًا على الاقتصاد اليمني، ما انعكس بدوره على الوضع المعيشي للمواطنين.
وساهمت هذه الهجمات في تصنيف اليمن باعتباره منطقة عالية المخاطر، الأمر الذي ضاعف من تكاليف الشحن إلى البلاد، كما تسببت في زيادة تكلفة التأمين على الشحن إلى ميناء عدن بمعدل 15 ضعفًا بالمقارنة مع تكلفة التأمين العادية.
في الأول من يناير 2024 سجل الدولار الأمريكي 1531 ريالا يمنيا للشراء، و1538 ريالا يمنيا للبيع، وسجل الريال السعودي 404.5 للشراء 404.4 ريالا يمنيا للبيع، في أسواق الصرافة، في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية
*مزاد بيع الدولار الأمريكي
في الرابع والعشرين من شهر يناير أعلن البنك المركزي عن نتائج تنفيذ المزاد رقم (1) لعام 2024 ذلك الإعلان لم يرفع من قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
وفي الأول من فبراير سجل الدولار الأمريكي
1639ريالًا يمنيًا للشراء، و1647ريالًا يمنيًا للبيع، كما سجل الريال السعودي 432 ريالًا يمنيًا للشراء، و433ريالًا يمنيًا للبيع، في ظل استمرارا العملة المحلية بالتراجع للوراء أمام العملات الأجنبية.
*حكومة جديدة
في مطلع فبراير جاء قرارا مجلس القيادة الرئاسي بتعيين وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك رئيسا جديدا للحكومة المعترف بها دوليا، خلفا لرئيس الحكومة السابق معين عبد الملك.
هذا التغيير جاء بعد مطالبات شعبية كبيرة بتغيير رئيس الحكومة السابق، معين عبد الملك، وكان هناك تفاؤل كبير من قبل عامة الشعب بتحسن الوضع المعيشي في ظل حكومة ابن مبارك في الأيام الأولى له، لكن الأوضاع آلت إلى الأسوأ وازداد الريال اليمني تراجعا للوراء.
وفي الأول من مارس سجل الدولار الأمريكي
1667ريالًا يمنيًا للشراء، و1678ريالًا يمنيًا للبيع، وسجل الريال السعودي439.5ريالًا يمنيًا للشراء،441ريالًا يمنيًا للبيع، وبهذا يكون الريال اليمني قد سجل انهيارًا جديدًا مقابل العملات الأجنبية عن شهر فبراير.
*قرارات البنك المركزي
كان البنك المركزي اليمني قد أمهل في مطلع أبريل 2024 البنوك والمصارف التجارية شهرين لنقل مراكزها الرئيسية من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن جنوبي البلاد.
وفي يوم الخميس/ 30 مايو 2024، أعلن البنك المركزي اليمني إيقاف التعامل مع ستة بنوك تجارية كبيرة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية؛ بسبب عدم نقل مراكزها من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وشمل القرار وقف التعامل البنوك التالية: «التضامن»، و«اليمن والكويت»، و«اليمن البحرين الشامل»، و«الأمل للتمويل الأصغر»، و«الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي»، و«اليمن الدولي».
ومثل القرار خطرًا محوريًا له تأثيره الكبير على النشاط المصرفي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي؛ إذ كان سيعمل على " عزل القطاع المصرفي في مناطقها عن القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وكان سيعمل على استعادة البنك المركزي للسيطرة والتحكم بالسياسة النقدية، وكان بإمكانه أن يشكل عاملا مساعدا يمكن البنك من القدرة على ضبط سعر الصرف وإيقاف الانهيار.
هذه القرارات عملت على بعث الأمل الميت لدى اليمنيين وشعر غالبية المواطنين بقرب انفراجة الأزمة الاقتصادية والعودة إلى توحيد العملة المحلية، لكن هذا الأمل سرعان ما فقد الحياة من جديد وخيم اليأس على اليمن وذلك بإلغاء هذه القرارات عن طريق قرار مفاجئ من المبعوث الأممي وافقه بذلك المجلس الرئاسي.
وبعد أيام من تلك القرارات قام زعيم الحوثيين بتهديد السعودية باستهداف البنوك والمطارات والموانئ الخاصة بها ردًا على قرارات البنك المركزي في عدن وإغلاق مطار صنعاء، وهي الخطوات التي اعتبرتها جماعة الحوثي وقتذاك تصعيدًا سعوديًا لتنفيذ توجيهات أمريكية من أجل الضغط لوقف العمليات المساندة لغزة.
ويوم الثلاثاء/ 25 يونيو/ أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، توصل طرفا النزاع إلى اتفاق لوقف التصعيد الاقتصادي بين الجانبين.
وأفاد مكتب غروندبرغ في بيان أن الحكومة وجماعة الحوثي "اتفقا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية".
وأضاف البيان أن "المبعوث الأممي تسلم من الطرفين نصا يتضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة".
ورحب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي بهذا البيان، قائلا" المعركة هي كر وفر، ونحن في معركة اقتصادية اتخذنا القرار في مجلس القيادة الرئاسي بقناعة تامة لما في ذلك مصلحة الشعب اليمني".
وأكد أن الإجراءات والخطوات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بـ" سياسة الحزم الاقتصادي" كانت محسوبه ومدروسه" من قبل اللجنة الاقتصادية والفريق الاقتصادي والحكومة والبنك المركزي، وكذلك الحال في قضية التراجع".
كان قرار الإلغاء هذا بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، فقد أحدث ضجة كبيرة في الشارع اليمني الذي اتهم المجلس الرئاسي بالعمالة وعدم المصداقية تجاه الشعب.
ويومها كان قد سجل الدولار الأمريكي ، 1828 ريالًا يمنيًا للشراء، 1839ريالًا يمنيًا للبيع، وسجل الريال السعودي 480 ريالًا يمنيًا للشراء، و 481.5 ريالًا يمنيًا للبيع، وبعدها زاد في الانهيار غير المعهود.
ويوم الاثنين/ 1 أبريل/سجل الدولار الأمريكي 1660ريالًا يمنيًا للشراءو 1670ريالًا يمنيًا للبيع، وسجل الريال السعودي، 438ريالًا يمنيًا للشراء، و439ريال يمنيًا للبيع.
*الوديعة السعودية
في أغسطس/آب 2023م، أعلنت المملكة العربية السعودية عن تقديم دعم اقتصادي جديد لليمن بقيمة 1.2 مليار دولار لسد عجز الموازنة الخاصة بالحكومة اليمنية، نتيجة قصف الحوثيين لموانئ تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة.
وفي 3 أغسطس/آب 2023م، أعلن البنك المركزي اليمني دخول الدفعة الأولى من الدعم الاقتصادي السعودي وقدره مليار ريال سعودي بما يعادل 250 مليون دولار.
وفي 16 يناير/ 2024، أعلن البنك المركزي اليمني، تحويل 250 مليون دولار أمريكي، كدفعة ثانية من الوديعة السعودية، التي أعلنتها المملكة مطلع أغسطس/آب من العام المنصرم، لدعم الإقتصاد اليمني.
وفي يوم الجمعة 14 يونيو/ 2024م، تم تحويل الدفعة الثالثة من الوديعة السعودية إلى البنك المركزي اليمني في عدن؛ لدعم الموازنة العامة لمواجهة العجز ودعم مرتبات وأجور ونفقات التشغيل والأمن الغذائي في اليمن،.
في يوم الخميس 13/ يونيو/ وصلت دفعة رابعة من المنحة السعودية إلى حسابات البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن وقدرها 300 مليون دولار من المنحة السعودية البالغة، 1.2 مليار دولار ومدتها عام.
ويوم السبت/ 2 نوفمبر/ 2024، نقل ماجد الداعري، الصحفي المقرب من محافظ مركزي عدن، أحمد المعبقي، تأكيده أن السعودية تراجعت عن تقديم وديعة جديدة مقابل عودة المحافظ إلى عدن، مشيرا عبر منشور له على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي بأن الوديعة تعسرت وأن السعودية رفضت إيداع أي مبلغ من مليار دولار كانت وعدت محافظ المركزي بها مقابل التنازل عن خطوات التصعيد الأخيرة.
هذا الأمر أدى إلى ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية إلى 2070 ريال للدولار الواحد بعد أن ظلت مستقرة لفترة وجيزة بانتظار وعود سعودية بوديعة جديدة.
وفي منتصف أكتوبر 2024 تجاوز الدولار الأمريكي حاجز الـ2000 فقد سجل 2002 ريال يمني للشراء، و2015 ريالا يمنيا للبيع.
وسجل الريال السعودي، 525 ريالا يمنيا للشراء، و 527 ريالا يمنيا للبيع.
*احتجاجات شعبية في حضرموت
وفي شهر أكتوبر شهدت محافظة حضرموت احتجاجاتٍ شعبية غاضبة ومنددة بتردي الخدمات، وتصعيدًا كبيرًا ضد السلطة المحلية والحكومة وقد نجحت هذه الاحتجاجات على إجبار السلطة المحلية بإصدار قرار يقضي بخفض سعر الديزل إلى 800 ريال يمني للتر الواحد وتوفيره في السوق المحلية؛ إذْ أصدر محافظ المحافظة مبخوت مبارك بن ماضي، مساء الجمعة، 25 أكتوبر، القرار رقم "92" لسنة 2024م، بشأن تخصيص كمية من ديزل بترومسيلة بالسوق المحلي بسعر 800 ريال يمني للتر الواحد، وذلك لما تقتضيه المصلحة العامة.
*توقف مرتبات الموظفين
عجزت الحكومة الشرعية عن صرف مرتبات شهري أكتوبر ونوفمبر بانتظامٍ لموظفي القطاع العام في الجهاز الإداري للدولة في مناطق سيطرتها وأتى هذا العجز في ظل حالة عجز بالإيرادات الذي يعانيه البنك المركزي اليمني، إثر قيام وزارة المالية باحتجاز التعزيزات المالية الخاصة برواتب الموظفين الحكوميين بحجة انعدام السيولة.
هذا التوقف أوصل قطاعات حكومية للتوقف عن العمل، وهذه هي المرة الأولى التي تتوقف فيها مرتبات القطاع المدني لشهرين متتاليين منذ ما قبل بدء دوامة الحرب في عام 2015.
منذ أن ترأس الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئاسة الحكومة، قام باجتمعات مكثفة كل شهر، وتناول الجانب الاقتصادي خلال تلك الاجتماعات؛ لكن هذا لم يفد الاقصاد بشيء فالعملة المحلية تنهار كلما مرت الأيام، والوضع المعيشي يزداد قتامة على المواطنين، وهنا سنستعرض أبرز الاجتماعات التي قام ابن مبارك منذ توليه رئاسة الحكومة.
في يوم الاثنين/ 2 فبراير، ترأس الدكتور أحمد عوض بن مبارك، في العاصمة المؤقتة عدن، الاجتماع الأول له في مجلس الوزراء، وأكد فيه أن تفعيل آليات المساءلة والمحاسبة ومكافحة الفساد ستكون عنوانًا رئيسيًا للعمل والأداء في هذه المرحلة، إضافة الى تطبيق سياسة ترشيد الانفاق والتركيز على تحسين الخدمات وتخفيف معاناة المواطنين.
ويوم الأحد 10 مارس، ترأس بن مبارك، في العاصمة المؤقتة عدن، اجتماعا لمجلس الوزراء، أجرى فيه نقاشا مستفيضا حول الأوضاع المعيشية والخدمية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، على ضوء التقارير المقدمة من الوزراء المعنيين والجهود المبذولة لتحسين الخدمات، خاصة الكهرباء والمياه، إضافة إلى توافر السلع المختلفة للمواطنين والرقابة على الأسعار وجودتها.
وفي يوم الأحد، 26 مايو عقد مجلس الوزراء اجتماعًا بالعاصمة المؤقتة عدن، استعرض فيه الإجراءات العاجلة لوقف تراجع العملة الوطنية، في إطار التكامل بين السياسة المالية والنقدية، وبما يؤدي إلى السيطرة على أسعار الصرف وانعكاساته الخطيرة على معيشة وحياة المواطنين، وتداول المجلس، عددًا من المقترحات التي ستؤدي الى تخفيف المعاناة القائمة في البلاد، خاصة في الكهرباء وأسعار صرف العملة الوطنية وانعكاساته على أسعار المواد الغذائية الأساسية.
ويوم الخميس، 5 أكتوبر 2024 عقدت الحكومة اجتماعا لمناقشة خطة إنقاذٍ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وناقش المجلس في الاجتماع، المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.
ويوم الاثنين 21 أكتوبر، عقد المجلس اجتماعا ناقش فيه الوقوف أمام المتغيرات المتعلقة بأسعار الصرف، والإجراءات الكفيلة بتحقيق استقرار سعر العملة الوطنية، واحتواء تداعياتها المؤثرة على معيشة المواطنين، مؤكدا على ضرورة تكامل جهود كافة مؤسسات الدولة للعمل سوياً للتعامل مع التحديات الاقتصادية كأولوية قصوى والعمل على تنفيذ توجيهات مجلس القيادة الرئاسي بهذا بخصوص وضبط وترشيد الانفاق والسيطرة على عجز الموازنة العامة.
وحتى اللحظة ما يزال الاقتصاد اليمني يعاني من اللشل والموت والسريري وما يزال الوضع المعيشي لدى المواطنين منهارًا بشكل غير مسبوق، وسط حالة من السخط الشعبي غير المسبوق وفي ظل تجاهل كبير من قبل الحكومة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news