من جماليات “تليم الحب” الصريمية

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 112 مشاهده       تفاصيل الخبر
من جماليات “تليم الحب” الصريمية

القصيدة بصورها الجمالية توضح صراع الشاعر المحب مع الحب نفسه أولًا وأخيرًا، بتليم الحب تبدأ القصيده بالذكريات التي تثيرها تليم الحب في قلب الشاعر  وتتوسطها الحسرة وآثارها التي تكبدها الشاعر بعد أن رمى به الحب في بحر المحن، وتنتهي بالاستفهام الإنكاري الذي يصور الحب كإنسان يُستفهم منه بهذه الجملة (من إمنك ياحب كيف تخونه) والخيانه صفة انسانية، حتى لو حل أحدهما في الآخر الحب والحبيب:

المدخل:

تليم الحب التقطها الشاعر من جمالية البيئة الحسية، وشَكّلها في صورة شعرية جمالية حسية ومعنوية.

فكما يشق المحراث  التليم في قلب التراب، فإن الحب يشق تليمه في قلب الشاعر بأكثر من أداة أهمها النظرات (سهام الهوى)، التي  أثارت هذا القلب، وهيجت فيه المؤثرات الأخرى.

كصور من ذكريات أيام الهثيم التي هي أجمل أيام العمر في مرح الشباب، وصور ذكريات الدوادح (الزهور) المتفتحه للنبات، وصور زخات تلك النسائم التي توشوس الوجوه.

داخل هذا الإطار تتشكل صورتان جماليتان الأولى صور الذكريات المتتاليه التي عاشها المحب والمحبوب في الزمن الماضي، بينما تشكل الصورة الثانية المضارعة تحسر الشاعر على تلك الأيام والآثار المترتبة على حال البعد وكذا استعطاف (بيان حال) الشاعر للمحبوبه الذي أشار اليه ب ( حبيبي).

هذا المآل الذي وصل إليه الشاعر جاء كنتيجة حتمية للحب الذي رمى به في بحر المحن المتلاطم بأمواج الضنى، بأفعاله المضارعة التي تفيد الاستمرارية، اضافة إلى صورة استعطاف (بيان حال) الشاعر لمحبوبه بقوله (حبيبي)..  والجملة الاستفهامية الاستنكارية الأخيره التي يلتبس تأويلها على القارئ أيهما حل بالآخر الحب أم الحبيب.

القصيدة الأغنية تجعل المحبوب كطرف مشاركا في الذكريات الجميلة، وطرفًا محايدًا حينما يواجه الشاعر أمواج بحر الحب في عنفوان تموجاته.

بيئة الشاعر:

الحول، المرعي، البئر، وإمتداد الطريق، بين هذه الثلاثية ذهابا وإيابا. يتخلق  الحب، من نزوات طفولية أولًا، اعجابًا ثانيًا، مرورًا بلفت الانظار ، و وصولا الى تبادل نظرات الغرام وإشتعال نيران الهوى بين طرفي الحب.

من هذه البيئة أستقى الشاعر/ المحب سلطان الصريمي الصور الجمالية للقصيدة الأغنية تليم الحب. وهي الأغنية اليتيمة التي غناها أيوب طارش للصريمي.

أثر البيئة على الشاعر:

تتميز البيئة اليمنية بأنها زراعية موسمية، من بداية نيسان (إبريل) في مناطق، وآيار ( مبكر) في مناطق أخرى ويستمر حتى تشرين الثاني موسم الحصاد.

يبدأ الموسم الزراعي بالقاء الحبوب (الذرى والغرب والدخن) في قلب التراب كمحاصيل زراعية في منطقة الشمايتين، ثم يتبرعم الزرع بعد انفلاق النوى ويستوي على سوقه الذي يعجب الكفار نباته ويتسامق سنابل ناضجة بحبوب الحصاد، هذ من ناحية العشق المتبادل بين الأرض والإنسان كثنائية وجودية.

لقد أثرت معايشة ومناظر هذه التليم الحسية، الزراعية على الشاعر المحب تاثيرًا كبيرًا ظهر هذا التاثير من خلال الصور الجمالية التي إلتقطها الشاعر وصورها في قصيدته تليم الحب.

فصورة التليم في الحقول الزراعية كصورة حسية تتزين بها الأرض يوم الذري بخطوط مستقيمة متوازية تكون بمثابة الألِف جنب النون التي صدحت به الملالة:

عقرت حولي بالتليم وا مجنون

تليم حولي كا الألف جنب النون

كل هذه الصور الحسية تشكلت في ذهن الشاعر المحب وتداخلت مع المشاهد الجمالية البيئية الأخرى مثل الإخضرار، والبروق والرعود والأمطار، مصحوبة بنشوة الأعمال المرافقة للموسم الزراعي، لتجعل من الشاعر المحب يلتقط هذه الصور، ويوظفها في صور ابداعية شعرية للقصيدة الأغنية تليم الحب بأبعادها الجمالية المترامية الاطياف والمنسرحة في آفاق الجمال  الابداعي النفسي والاجتماعي.

الصوره الشعرية لتليم الحب:

على قواعد البيت الشعري الأول للقصيدة الاغنية تأسس بناء القصيدة الأغنية بمجملها. فمن هذا البناء الشعري تتالت أعمدة وصفوف ذكرى تليم الحب: 

تليم الحب في قلبي تذكرني بأيام الهثيم

تذكرني دوادح حبنا الغالي ودخداخ النسيم

حسب نظرية التداعي.. تتداعى من هذه الذكريات بصورها  المعنوية، الذكريات  الأكثر عنفوانًا في بحر الحب المتلاطم الأمواج التي عايشها الشاعر المحب.

الصوره الأولى صورة الذكريات:

صورة رجفة النفس شعورية معنوية عند ملاقاة الحبيب أو لحظة الاستشعار بوجود خوف ما، جسد الشاعر نتائجه بالخوف من كسوف الأحلام كصورة معنوية، مقابل الصورة الحسية للكسوف الذي يحدث للشمس حين يقع القمر بين الشمس والأرض:

حبيبي نفسي عليك ترجف

خائف على أحلامنا لا تكسف

تنبثق من صور الذكرى هذه صورًا أخرى من نظرات الحبيب التي يراها القلب بعد أن أنسنة الشاعر؛ أي جعله في صورة حسية روحية كإنسان يقسم مؤكدًا بأن (القلب) سوف يعزف ألحان الحسن وهي صورة معنوية.

وأن العين ايضا كاستجابة عاطفيه لهذا العزف ستذرف من غالي الدموع(صورة حسية) لتسقي ورود الحب وستقطفها، وجاءت العين في صورة حسية مشخصة على هيئة قاطف يريد قطف هذه الورود:

والقلب يذكر نظرتك ويحلف

إنه لحسنك ياحبيب شعزف

والعين من غالي الدموع تذرف

تشتي(تريد) تسقي وردنا وتقطف

تمثل صورة تهادي الأرواح، صورة جمالية يلتقطها الشاعر. في الأثناء التي تتهادى فيها الأرواح بأكثر محاسن المحب والمحبوب جاذبية وسحرًا وعذوبة، وهي صورة حسية/معنوية نشاهد فيها الحبيبين يغرسانها ويقطفان منها ذكرى لاتذوب (لا تنسى)

تحاببنا وأهدينا إلى الأرواح زهرات الكعوب

غرسناهن وقطفنا من الأفراح ذكرى لا تذوب

يستمر التشكل الصوري في تحويل هذه الذكريات الناضجة إلى صور حسية  يعصرانها (الشاعر كمحب والمحبوبة) لإرواء ظمأ الأقداح ساعات الغروب،  وهي صورة يختلط فيها المعنوي بالبيئي الحسي، بإعتبار الغروب أجمل ساعات اليوم تأملًا بحمرة آفقها وسحرية إنسيابه:

عصرناهن وأروينا ظمأ الاقداح

ساعات الغروب

يستمر النص في تشكيل الذكرى بالصور  المحمولة على جناحي الدهشة وهي تتذكر لقاءات الحب ومعانقته، ففي لحظات الغروب يطيب الشرح(الرقص) وتبدأ المسامرة وتدق أجراس القلوب فرحًا وابتهاجًا بهذه اللقاءات.

تشرحنا ودقينا مع الشراح أجراس القلوب

كما تأتي اللذة والرغبة في فعل (تهنيتك) كصورة كرغبة ظامئة. وكأغنية يغنيها الشاعر المحروم من خمر الوجن:

تهنيتك وغنيتك غنى

أنا المحروم من خمر الوجن

وهي كلها صور متعلقة بالزمن الماضي.

الصوره الثانية صورة الحسرة وآثارها:

تأتي هذه الحسرة بعد التلاقي والعناق الذي كان مكللًا بكل ألوان الهناء أفراحًا ومسرات، حيث يجد الشاعر المحب، نفسه مرميًا به في بحر المحن.

وهنا تظهر صورة الحب مشخصة في جبروت رجل يرمي بالشاعر المحب في بحر المحن.

يواجه الشاعر، في هذا البحر العاتي بأمواج الضنى (العذاب)، مصيره حيث يجهد فيها نفسه في مصارعة هذه الأمواج التي أخذت القلب بعيدًا وتركت للشاعر المحب الشجن يعصف فيه من كل اتجاه:

تهدا بي لأمواج الضنى

أخذ قلبي وشيب الشجن

الشجن المتعدد الاهواء بصوره المشخصة بفعل الاستمرارية يقهدني (الأرق المتواصل)، ويسقيني المنىََ وتكون هذه السقاية بمثابة عطش مستدام يجري بالروح والبدن:

يقهدني ويسقيني المنى

عطش يجري بروحي والبدن

يلتفت النص القصيدة الأغنية في الثلاث الابيات الأخير  إلى حبيبة الشاعر المحب، مستعطفا اياها بالنداء (حبيبي) موضحًا لها  بأكثر من صورة جمالية ما وصل إليه حاله ومصورًا شعريًا لها حنين القلب انسانًا يفرش دموعه ويرتدف شجونه.

وأخرى تبدو فيها ملامحه مكسوة بالتغيير الذي طرأ عليها جراء الصراع مع أمواج بحر المحن.

فقد ضمر (ذبل غصنه)، أي ضمر ريعان شبابه، وغزت الحروج عيونه، وشيبت سنينه من هذا العذاب. كما أن النوم هجر جفونه. ليصل في الشطر الأخير لعتاب مرير في صورة استفهام استنكاري موجها للحب قائلًا له من (إمنك ياحب كيف تخونه). وهي صورة تشخيصية للحب كإنسان جُبل على الأمانة والخيانه. وربما تكون حالة حلول أحدهما في الآخر الحب والحبيب:

حبيبي قلبي يحن حنينه

فرش دموعه وارتدف شجونه

غصنه ضمر وجرحين عيونه

ومن عذابه شيبين سيننه

والنوم من بعدك هجر جفونه

من إمنك ياحب كيف تخونه

الخلاصة:

يبدو جليًا أن البيئة التي يعشها الشاعر سلطان الصريمي كمزارع، وعامل ومهاجر، ومناضلًا سياسيًا، ومثقفًا وأديبًا،  قد مازجت روحه بجمالها الخلاب مما كان له الأثر الأبرز في شعر الصريمي عمومًا وفي هذه القصيدة خصوصًا.

شكل من تأمله لأيام الهثيم عوالم إبداعية ميزته عن غيره من الشعراء، فكما تغنى بتليم الحب. تغنى بيوم الذري الذي طالب فيه الخضراء المرأة اليمنيه او الأرض الخصبة كناية: أن تحترس من عيون الغدره بمدلولها الحسي والمعنوي.

وإن تشد إزارها للذري، محذرًا إياها من إهمال الغبراء (الأرض).


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : مصادر محلية : قصف إسرائيلي يدمر برج مطار صنعاء الدولي وطائرات في المطار المدني

الشاهد برس | 1304 قراءة 

عاجل : أسماء المواقع التي إستهدفها الطيران الإسرائيلي في صنعاء والحديدة ( صورة برج المطار)

اليوم برس | 897 قراءة 

الكشف عن أسباب انسحاب ‘‘عيدروس الزبيدي’’ من اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي في الرياض

المشهد اليمني | 854 قراءة 

الكشف عن موعد الهجوم الإسرائيلي الكبير على اليمن.. وصحيفة عبرية تكشف عن أهداف حساسة

المشهد اليمني | 769 قراءة 

تحذيرٌ رسميٌّ مهمٌ جداً من العاصمة صنعاء لكافة اليمنيين يخُصُّ ما يحدُثُ الليلةَ

نيوز لاين | 724 قراءة 

عاجل.. عدوان إسرائيلي على أربعة منازل بصنعاء وأنباء عن تواجد قيادات حوثية بارزة

المشهد اليمني | 697 قراءة 

عاجل:الكشف عن عدد الغارات على صنعاء وانباء عن سقوط قتلى وجرحى

كريتر سكاي | 686 قراءة 

البيضاء وتعز وإب خارج السيطرة.. جماعة الحوثي تواجه تصعيدا شعبيا غير مسبوق في مناطق سيطرتها !

العين الثالثة | 541 قراءة 

كان يبحث عن قيمة ‘‘الطحين’’ .. القبض على ‘‘سارق قات’’ وضربه وكسر يده ودخوله في غيبوبة (فيديو)

المشهد اليمني | 519 قراءة 

توتر في ذمار ينذر بطرد الحوثيين من المحافظة.. ماذا يجري في الحدأ

نافذة اليمن | 514 قراءة