مشاهدات
كشف خبراء مختصون في الاقتصاد الرياضي عن أن بطولة كأس العالم التي ستستضيفها المملكة في عام 2034 سيكون لها أثر اقتصادي وسياحي هائل، بل يتخطى ذلك إلى مكاسب كبرى للبلاد خلال السنوات العشر المقبلة التي تسبق المونديال وما بعدها.
وحسب تقرير نشرته «ستراتيجك جيرز»، فقد حصد مونديال قطر عام 2022 مبلغ «17 مليار دولار»، وحقق مونديال روسيا 2018 مبلغ «14 مليار دولار»، فيما تفوق عليه مونديال البرازيل 2014 بمبلغ «15 مليار دولار»، أما مونديال جنوب أفريقيا 2010 فكانت عوائده المالية «12 مليار دولار»، وأخيراً مونديال ألمانيا 2006 الذي حصد «14 مليار دولار».
ويرصد هذا التقرير المؤشرات الإيجابية والأرقام في آخر «5» نسخ من بطولة كأس العالم لكرة القدم.
وقال الدكتور أيمن فاضل، عضو مجلس الشوري وعميد كلية الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة سابقاً، إن الأثر الاقتصادي لكأس العالم على المملكة سيكون كبيراً، نظراً لمشاركة 48 منتخباً حول العالم، حيث سيحقق مكاسب في الجانب السياحي والنقل والسكن وغيرها من الأمور المتعلقة بهذا الجانب، إذ سيصل المسؤولون والجماهير من جميع أنحاء المعمورة لمتابعة هذا الحدث الكروي الكبير. وأضاف فاضل، الذي ترأس النادي الأهلي السعودي سابقاً: «كما تابعنا الأرقام الأخيرة من استضافة دولة قطر الشقيقة في عام 2022 وكيف أن الأرقام وصلت إلى 17 مليار دولار بعدد المنتخبات الأقل وفي مساحة جغرافية أصغر، فهذا يعني بكل تأكيد أن الآثار الاقتصادية الواضحة والمباشرة لاستضافة السعودية كأس العالم ستكون كبيرة وبارزة ولا تتوقف على جانب معين، بل ستكون لها مكاسب على المدى البعيد، وهي من أسس الرؤية التي وضعتها القيادة الحكيمة الهادفة أن تكون المملكة وجهة سياحية وعالمية بارزة ويسهم الجانبان الرياضي والسياحي في اقتصاد الوطن».
وبيَّن فاضل أن أهم الأهداف يكمن في خلق فرص عمل ووظائف جديدة خلال عشر سنوات في قطاع الملاعب والفنادق والنقل وغيرها، وسيستمر الازدهار، ومع الوقت سيكون أكبر، كما أن التعريف بالسياحة السعودية سيكون واسعاً بالموازاة مع مشاركة 48 منتخباً، فهذا يعني توسع رقعة الجانب السياحي وتنوعه.
وشدد فاضل على أن الأرقام التي أُعلن عنها في مونديال قطر من حيث المكاسب التي وصلت إلى 17 مليار والتي زادت عمَّا قبلها في دول أخرى خلال آخر خمس نسخ على الأقل، تعطي مؤشراً تصاعدياً إيجابياً بشأن تضاعف هذا العدد في ظل قوة شرائية أفضل والأثر المستقبلي الدائم.
فيما أوضح الدكتور عبد الله المغلوث، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، أن العالم سيكون على موعد مع «نسخة استثنائية وغير مسبوقة من بطولة كأس العالم لكرة القدم، من خلال تسخير نقاط قوتنا وقدرتنا لإسعاد مشجعي كرة القدم في جميع أنحاء العالم».
وقال: «الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، أكد أن تلك النسخة التي تأتي تحت شعار (ننمو معاً)، تجسد الرابط بين المملكة وشعبها وكرة القدم العالمية، عبر تنمية لعبة كرة القدم، وتوسيع فوائدها في المملكة وكل جزء من العالم».
وتابع أنه من خلال تدشين وتحديث 15 ملعباً على الطراز العالمي، موزَّعة على 5 مدن هي: الرياض، والخبر، وجدة، ونيوم، وأبها، إضافةً إلى 10 مواقع أخرى، تستعدّ المملكة لاستضافة كأس العالم 2034، الذي سيكون حدثاً استثنائياً سيفد إليه المشاركون ومشجعو اللعبة إلى المملكة من خلال 16 مطاراً دولياً، وتعمل الرياض على إنشاء بعضها وتحديث أخرى، والـ15 ملعباً المقترحة في 5 مدن مضيفة تتنوع بين مزيج من 4 ملاعب قائمة، و3 قيد الإنشاء و8 ملاعب جديدة مخطط لها.
وقال: «صُمّمت المنشآت جميعها لتلبية احتياجات البنية التحتية طويلة الأجل في المملكة، وستضم المدن المضيفة الخمس موقعَين مقترحين لمهرجان مشجعي (فيفا)، فيما جرى اقتراح 10 مواقع مضيفة أخرى لدعم معسكرات الفريق الأساسية. ليس هذا فحسب، بل إن المملكة التي تعدّ الدولة الوحيدة التي تستضيف بطولة كأس العالم بمفردها بالشكل الجديد، تعمل على خطط شبكة السكك الحديدية التي تربطها مع دول الخليج؛ لتسهيل تنقل المشجعين والفرق المشاركة، وبينا ستُقام مباراتا الافتتاح والنهائي لكأس العالم 2034 في العاصمة الرياض، فإن أبعد مسافة يقطعها المشجع في المملكة تستغرق ساعتين».
ومن المتوقع أن تسهم استضافة كأس العالم في جذب ملايين السياح من مختلف أنحاء العالم، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الإنفاق السياحي وتعزيز القطاع السياحي في المملكة. وفقاً لملف ترشح السعودية، سيتم تطوير 230 ألف غرفة فندقية موزعة على المدن المستضيفة للحدث، وهي: الرياض، وجدة، والخبر، وأبها، ونيوم. هذا الاستثمار في البنية التحتية سيعزز من قدرة المملكة على استقبال الزوار ويوفر فرص عمل جديدة.
علاوة على ذلك، ستلعب استضافة كأس العالم دوراً محورياً في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تشمل خطط الاستضافة بناء 11 ملعباً جديداً بمواصفات عالمية وتطوير 15 ملعباً آخر.
وقال أحمد الراشد، المستثمر في الجانبين الرياضي والسياحي، إن «النقلة الكبيرة التي حدثت للمملكة لها أثر اقتصادي واضح بدأ من الآن، إذ إن هناك تنظيماً لوفود جماهيرية من دول العالم كافة لمتابعة مباريات في الدوري السعودي يشارك فيها نجوم عالميون يتقدمهم كريستيانو رونالدو أو غيره من النجوم في الأندية السعودية، إذ إن هناك وفوداً كبيرة تأتي من أجل حضور مباراة أو أكثر والإقامة في المملكة لعدة أيام والصرف المالي في فترة وجودها، وهذا أثر اقتصادي وسياحي ملموس نتابعه ونتعامل معه عن قرب بحكم تخصصنا».
وأضاف الراشد، الذي تولى في سنوات مضت لجنة الاستثمار الرياضي في غرفة الشرقية فضلاً عن مناصب أخرى تتعلق بالاستثمار والرياضة والمناصب الرسمية الرياضية: «في المنطقة الشرقية مثالاً حيث ترتبط بمنافذ برّية مع عدد من دول الخليج، يحضر المشجعون من الدول الشقيقة براً ويقيمون ويتسوقون ويحضرون المباريات الكبيرة ثم يغادرون إلى بلدانهم، وهؤلاء المشجعون لهم أثر واضح في تشغيل الفنادق وكذلك التسوق والاستفادة من جوانب اقتصادية أخرى وتنشيطها، وهذا يظهر بشكل واضح حينما تأتي الفرق الجماهيرية الكبيرة للمنطقة الشرقية لوجود نجومها، فكيف إذا كان الحال يتعلق بحضور الجماهير من حول العالم لمباريات تقام في العاصمة الرياض أو مدينة جدة أو غيرها من المدن عبر الطيران أو غيره، وكم سيكون الأثر الاقتصادي الذي يمثلونه؟».
وزاد بالقول: «في دول العالم أيضاً بحكم أنني أسافر على الدوام وأستقر لفترات في بعض الدول الأوربية الكبيرة، هناك منتجات لأندية سعودية بدأت تظهر بشكل كبير هناك في الأسواق مثل قمصان اللاعبين النجوم التي تحمل شعارات أندية سعودية يلعب لها هؤلاء النجوم مثل رونالدو أو بنزيمة أو نيمار أو غيرهم من النجوم حيث توجد هذه المنتجات، خصوصا التيشيرتات، وقد جرى ارتداؤها في الأماكن العامة والأسواق، وهذا ترويج بكل تأكيد للدوري السعودي والمنافسات السعودية التي تحظى بمتابعة واسعة وتتسابق وسائل الإعلام العالمية على نقل أحداثها وأخبارها».
ورأى أنه إذا كان الأثر ظهر من الآن، فكيف سيكون الحال خلال عشر سنوات، حيث إن الجانب التسويقي سيكون أكبر وحجم المشاريع سيكون عملاقاً، إذ إن كبرى الشركات العالمية التي ستشارك في بناء الملاعب والمنشآت ستكون في المناطق التي تقام فيها المشاريع، وهذا سيعني صرفاً أكبر وحركة اقتصادية نشطة جداً من حيث شراء وإيجار المنشآت، للسكن والإقامة فيها، وكذلك الغذاء، وغيره، وكل هذا ينعكس بكل تأكيد على الاقتصاد بشكل إيجابي.
وبيَّن أن هناك شركات سياحية كبيرة بدأت تنشط نحو التعاون مع شركات سياحية في المملكة لتنظيم رحلات فردية وجماعية نحو المملكة لحضور مباريات معينة، والجميع شاهد كيف كان الحضور للشخصيات الشهيرة والكبيرة في مباراة الاتحاد والنصر الدورية الأخيرة، وهذا يسجل أيضاً للعمل الكبير الذي تقوم به هيئة الترفيه التي يقودها المستشار تركي آل الشيخ، مبيناً أن العمل بين وزارة الرياضة التي يقودها الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، ووزارة السياحة التي يقودها أحمد الخطيب، جميعها دورها تكاملي وفي مصلحة واحدة، وله أثر إيجابي كبير تظهر نتائجه بشكل مستمر وواضح.
أما فارس المفلح المستثمر في المجال الرياضي والمختص بالشؤون الإدارية والمالية، فقد بيَّن أن الآثار ستكون كبيرة على كل نواحي الحياة لكون الاقتصاد يمثل العصب الرئيسي في كل نواحي الحياة والنهوض بالدول وتعزيز بنيتها التحتية.
وبيَّن أن المطارات ستتوسع وتتطور، والملاعب ستكون أكبر وبمواصفات عالية وبيئة اكثر جذباً ومهيأة للاستثمار فيها، كما أن الشركات الكبرى التي ستتولى إنشاء هذه المشاريع سيكون لها صرف ومشتريات تنعكس على بقية القطاعات، حيث إن الصرف الحكومي سيتضاعف ويتم جني النتائج بشكل مستمر ضمن أطر زمنية معينة تتخطى حتى بعد نهاية هذا الحدث الكبير كما هو حاصل في الدول التي استضافت كبرى المنافسات العالمية.
وأشار إلى أن قطاعات الفنادق والسكن والمطاعم وغيرها ستشهد نهضة وتطوراً وتوسعاً وستأخذ نصيبها بكل تأكيد.
كما أن شركات الطيران المحلية سترتفع إيراداتها بشكل كبير، كما حصل مع «طيران» القطرية، الناقل الرسمي لمونديال (2022) بقطر، إذ ارتفعت الأرباح لما يفوق المليار و200 مليون دولار، وكل من له علاقة بالأحداث الرياضية أو الجانب السياحي سيكون له نصيب من هذا الحدث.
وأشار إلى أن السعودية ستكون أول دولة في العالم تستضيف العدد الكبير من المنتخبات في دولة واحدة، حيث إنه بعد رفع المنتخبات هذا العدد ستكون البطولات في عدة دول بالمشاركة في النسختين القادمتين (2026) و(2030)، وهذا يمثل جانباً مهماً في تنشيط السياحة ورفع المداخيل في هذا الجانب بما يتوافق مع رؤية المملكة (2030) لتكون السياحة رافداً أساسياً من روافد الاقتصاد الوطني السعودي.
وأوضح أن الأرقام التي يعلنها «فيفا» من جانبه بشأن الأرباح التي تحققها المنظمة الدولية القائمة على كرة القدم أو الدول التي تستضيف هذه الأحداث، يؤكد أن المكاسب كبيرة جداً إلا أن المملكة تسعى لمكاسب أكبر من الجانب المادي على المديين القريب والبعيد.
وأشار إلى أن المملكة ستستضيف قبل كأس العالم بطولة كأس آسيا (2027)، وهي من البطولات التي ستكون لها مداخيل اقتصادية عالية، صحيح أنها لا تقارَن بمداخيل كأس العالم إلا أنها مهمة.
كما أوضح أن وجود النجوم العالميين في الدوري السعودي أثَّر بشكل واضح في الجانب الاستثماري والإعلانات التي بدأت تظهر بشكل أكبر في المساحات الرياضية، عدا استضافة أحداث رياضية من بينها بطولات سوبر تشارك بها فرق عالمية كبيرة من دول متقدمة كروياً، وكذلك الأحداث المتعلقة بعدة ألعاب رياضية، وكثير من الإيجابيات التي تظهر جراء الدعم الحكومي الكبير للقطاع الرياضي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news