وجدت نفسي حفيدة لجدة مُقعدة لا تتحرك من الفراش، ترقد في فراشها طوال الوقت وعندما تريد استنشاق الهواء كانت تجلس على كرسيها المتحرك في سطح منزلنا تتأمل الجبال والطيور.
كانت تملك ذاكرة قوية تحكي لي كل تفاصيل طفولتها وشبابها.
وجدتني أحبها، أحبها أكثر من أي شيء بالحياة، أحب تجاعيد وجهها وأحب أسنانها المفقودة، أحب صوت الملالة من فمها الصغير أحب أصابع كفها وأحب أصبعي الخنصر الذي يشبه اصبعها ..
أحب خوفها عليّ وأحب الأمان الذي أشعر به بين ذراعيها.
أحب كل شيء متعلق بها حتى سريرها وكرسيها وبطانيتها كل شيء دون استثناء.
وجدتني أقدسها وأسمع حديثها كما لو كان قوانين صارمة، كلنا كنا نتسابق لخدمتها وحبها، كان غضبها علينا يخلق شعور كالطرد من الجنة بداخلنا، كانت تحبني، تحبني لدرجة أنها تشعر بوجعي كلما تألمت اتصلت بي تسألني ماذا بك ياصغيرتي؟
كنت استخدم أدوية منتظمة في كل 20 يوم إبرة وكانت في كل مرة قبل موعدها بيوم واحد تشتري لي الإبرة وتذكرني بموعدها.
لا أتذكر أنني دخلت اختبار دون دعواتها التي كانت ترافقني لكل مكان، كان لصوتها دفء يخترق القلب ويسكن داخله.
كنت دائماً ماأطلب منها صورة تجمعني بها وكانت ترفض في كل مرة رفضاً قاطعاً دون أن تفصح بأسبابها ورحلت قبل تلك الصورة التي كنت أحلم بها.
رحلت جدتي في مثل هذا اليوم وهي راضية عني وتحبني أكثر من حبي لذاتي، رحلت وتركتني أشتاق اليها كل ليلة وأشعر بوجع يعتصر قلبي.
أشعر كما لو أن الكلمات تهرب مني..
في جنان الخلد ياجدتي.. في جنان الخلد ياحبيبتي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news